بسم الله الرحمن الرحيم

يا أهْلَ العرَاق:
أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. فأَقْبلُوا عَليْه

 

أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. شهر فرض الله علينا فيه الصيام، وندب إلينا القيام، وجعل أجر الفرض بسبعين، وأجر النافلة كالفرض. أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النّار، وفيه ليلة هي خيرٌ من ألف شهر. أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. شهر فيه الفرقان، يوم نصر الله فيه جمع المؤمنين على جموع الكفار والمشركين. أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. شهر تُصفّد فيه الشياطين، فهلا صفّد المسلمون أنفسهم بتقوى الله وطاعته، عن معصيته ومخالفة أوامره؟ أَتَاكُمْ رَمَضَانُ .. وأنتم تعيشون أسوأ أيّامكم في ظل هذا الاحتلال البغيض. تعيشون الفرقة والشتات، وتدهوراً في كافة نواحي الحياة وخاصة الأمنية منها.. فهلا أصغيتم آذاناً ، وفتّحتم عقولكم وقلوبكم .. لما نقول ؟!.


أيها المسلمون في العراق:
مُنذ أن جاء المحتلون إلى بلدنا هذا، وهم يعزفون على أوتار الطائفية المقيتة، حاولوا جاهدين زرع بذور الفتنة والشقاق بين المسلمين من أبناء هذا البلد، لكنهم باؤوا بالخيبة والخسران. ثمَّ عمدوا إلى صناعة ما يسمى بفرق الموت، فتقتل هنا وتذبح هناك، فلم يفلحوا وانكشف أمرهم للقاصي والداني، للعالم والجاهل. ولكنّ شيطانهم اللعين تفتق عن عملية تفجير مرقد الإمامين العسكريين رضي الله عنهم ، ثمَّ خرج ساستهم على الفضائيات ليقولوا: ” إذا نشبت الحرب الأهلية في العراق، فإنّ القوات الأميركية لن تتدخل ” ؛ ليعطوا بذلك الضوء الأخضر لمن باع نفسه للشيطان ليوجه سلاحه إلى إخوته من أبناء جلدته الذين يرزحون، ومنذ عقود، تحت وطأة جراحات لم يزدها الإحتلال إلا عمقاً.

ليكن في قناعة كل مسلم، أنّ ما نحن فيه من بلاء وفتنة، إنّما هو من صنع أعداء الله من الكفار والمنافقين، وكلّنا يعرف ما فعله اليهود ـ لعنهم الله ـ ليوقعوا بين الأوس والخزرج حتى تواعدوا على القتال، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ((أ بدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم))، وفي حادثة أخرى قال: ((ما بال دعوى الجاهلية ... دعوها فإنها منتنة)). 


لقد حرّم الله تعالى قتل النفس بغير حق، وجعل عقوبة القاتل خلوداً في النار: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً}. ولم يَزَلْ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر من انتهاك حرمة المسلم، فقال: ((كلُّ المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه))، وقال: ((لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم)). وفي حجة الوداع حذّر المسلمين من الاقتتال فيما بينهم فقال: ((لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)). بل عندما أراد رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قتل أحد المنافقين قال: ((دعه ، لا يتحدث الناس إنّ محمداً يقتل أصحابه)). فالعجب كلّ العجب ممن يقتل على الهوية، ينظر فيها ليرى هل هو من طائفة كذا ، أو كذا، ولا يقرأ فيها: ” الديانة: مسلم ” !!.


انظروا إلى حالكم، بالأمس .. كنتم توجهون سهامكم إلى صدور الكافر المحتل، عدوّ الله وعدوّكم. واليوم يوجّه بعضكم سهامه إلى صدور البعض الآخر !!. نسيتم وصية الله لنا ونعمته علينا، {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}.

أيها المسلمون في العراق:
إنّ الكافر المستعمر لمّا يزل يُعدُّ طبخة كبيرة، فبعد أن جاء بمَنْ هم الآن في الحكم، وجعلهم أدوات لتحقيق أهدافه، راح يعدُّ ويمني، فانطلت اللعبة حتى على بعض المخلصين ـ نحسبهم ولا نزكيهم على الله ـ  فانخرطوا فيما يسمى بالعملية السياسية، ظنّاً منهم أنهم سيحققون شيئا لهذا البلد وأهله، ولكنّ الشيطان لا يعدُ ولا يمنّي إلا غروراً، {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }.


وهكذا .. بعد أن تمكن الكافر المحتل من تأجيج سُعار نار الفتنة الطائفية، أصبح اليوم هو المنقذ والمخلص وصمّام الأمان للبلاد والعباد !!.

وحقيقة الأمر أنّ كلّ ما يعانيه المسلمون في العراق، وغيره من بلاد المسلمين، إنّما هو من صنع الكافر المستعمر وبتخطيطه وتدبيره، وإن اختلفت يد التنفيذ. لكي يمهد الطريق لربائبه الذين يريدهم بديلاً لمن جاء بهم بعد الاحتلال، ومن استدرجهم إلى العملية السياسية.


اسمعوا إلى قول المولى عزّ وجلّ: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} ، ونتيجة اتباعهم : {وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ }، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ}، فهذا ما سيحصل إن استمر السير في ركب الكافر المحتل: لن يكون لنا من ولي ولا نصير، ولن نجني سوى الخسران المبين في الدنيا قبل الآخرة، والواقع الذي تعيشه الأمة الإسلامية يصدق ذلك.

أيها المسلمون في العراق:
إنّ الحلّ الصحيح والوحيد لما نحن فيه، على صعوبته كما يتصور البعض، هو سهل ميسور لمن شرح الله صدره، وأنار بصره وبصيرته، يتلخص في أمرين:

الأول: أنّ نعمل جادين مخلصين، متحدين متآلفين، يداً واحدة، لإخراج الكافر المحتل من بلادنا، بكافة صوره وأشكاله، وأسمائه ومسمياته.

والثاني: أنّ نبايع رجلاً مسلماً عدلاً كُفؤاً ؛ ليحكمنا بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، في ظلّ دولة الخلافة، التي تُوحد الأمة الإسلامية وتجمعها تحت راية: لا إله إلا الله ، محمد رسول الله.

وهذا رمضان، فرصة عظيمة وكبيرة لنا جميعاً، سواء أكنّا أفراداً أم جماعات وأحزاباً، قادة أم مقودين، مراجع أم مقلدين ... ، لنراجع أنفسنا، ما قدمّنا وما أخّرنا، وماذا أعددنا ليوم قال عنه سبحانه وتعالى:

{وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ}

 

29 شعبان 1427هـ
 
حـزب التحريـر
 
2006/09/22م
 
ولاية العراق