بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مسلسل الغنم القاصية لا توقفه إلا دولة تحمي المسلمين وترعاهم

 

يمر أكثر من ١٠٠ يوم على الحرب العبثية وأهل السودان يطل عليهم شبح الأزمة الإنسانية التي خلفها الاقتتال، الذي قطع شرايين الحياة من مدينة الخرطوم، وضاق الخناق على الناس من كل جهة ولا ملجأ من المعاناة بعد قطوعات الكهرباء والمياه والغاز والغلاء الفاحش. يتزامن ذلك مع انعدام السيولة النقدية بسبب نهب البنوك فأصبحت الخرطوم لا تصلح لسكن البشر كما تنبأ بذلك قائد قوات الدعم السريع.

 

والآن أصبح شبح الجوع يلاحق من بقي مرابطا في داره بسبب ضيق ذات اليد الذي أقعده عن السفر في ظل الأرقام الفلكية لسعر تذاكر السفر خارج الخرطوم. وازدادت ندرة المواد الغذائية في ظل انقطاع إمداد الولايات، بسبب القصف الذي لا يبقي ولا يذر، وحوادث مصادرة السلع في ارتكازات التفتيش، مع تلاعب في إمداد المعونات الخارجية، التي لا تصل للمحتاجين بل تباع هي الأخرى لفساد القائمين عليها.

 

وبمرور الوقت، فإن معظم الأسواق والمحلات التجارية، ومحطات الوقود تغلق أبوابها في وجه الناس، ويزداد سعر الوقود في الارتفاع وقد وصل سعر البنزين شبه المعدوم ما بين 50 و85 دولاراً أمريكياً للجالون الواحد، في السوق السوداء، وقابل للزيادة كل يوم، وكثير من البضائع والسلع المطروحة للبيع في بعض المناطق على أطراف الأسواق والبقالات هي إما سلع مسروقة من مخازن بعض الشركات والمصانع، يتعفف الكثيرون عن شرائها، وإما أنها مخزنة لفترة طويلة عند بعض التجار قبل نشوب الحرب فلا تصلح للاستخدام البشري.

 

وتنقل المحطات الفضائية كيف يواجه سكان الخرطوم ظروفاً إنسانية غاية في الصعوبة والخطورة، ويصرح الناس بأنهم يتناولون وجبة واحدة في اليوم، تطهى على الفحم أو الحطب، هي في الغالب من العدس أو الفول، وهذه رفاهية يصعب الحصول عليها، فكل يوم إما الترويع والخوف وإما أصوات الرصاص والمدافع التي لا تفارقهم.

 

لقد صمد الناس داخل الخرطوم لكن قدرتهم على التحمل تتضاءل كل يوم ويضيق أفقهم في الحصول على ما يسد الرمق، مع استمرار الظروف البائسة، والموت المحدق بهم كل لحظة، جراء تصاعد القصف والقتال المتبادل بين الطرفين.

 

سنمضي نتجرع مرارات الحرب في السودان وحيدين كأن لا إخوة لنا من أهل الإسلام، الذين بلغ تعدادهم المليارين تقريبا ولكنهم كالغنم القاصية تأكلهم الذئاب، وذلك بسبب تقسيمات الاستعمار التي جعلت العراق وأفغانستان واليمن وسوريا والسودان تلتهمها الحروب، ويشيع القتل والتشريد والتهجير، وإخوانهم في الإسلام لا تفصلهم بضعة أمتار باعتبار أن المشكلة داخلية، كما أوعزت بذلك القوانين الدولية التي خطها الاستعمار الرأسمالي نفسه، لتظل له السيادة علينا بأدواته وعملائه ممن يشعلون الحروب، ولن يتوقف هذا المسلسل اللعين إلا بإقامة دولة حقيقية تكفل المسلمين بوصفهم أمة واحدة من دون الناس وليس سودانيين أو عراقيين أو سوريين أو... ترعاهم وتخشى الله فيهم؛ هي دولة الإسلام التي تكون حصناً منيعاً وجُنة ووقاية لكل المسلمين وبذلك يرضى رب العالمين.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان