سياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المعونات التي يقدمها العملاء لأقرانهم هي تنفيذ لسياسات سيدهم

 

 

قال رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام لقوات الشعب المسلحة بالسودان عبد الفتاح البرهان "يجب على الجميع عدم انتظار الحلول التي تأتي من الخارج والعمل على حل مشاكلنا بأنفسنا لبناء السودان، وسنقف سداً منيعاً أمام كل من يريد العبث بأمن واستقرار السودان".

 

جاء ذلك خلال قيامه بتدشين مشروع منحة الملك سلمان لتنفيذ 500 محطة مياه جوفية تعمل بالطاقة الشمسية بولايات السودان المختلفة، بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية، بتكلفة مائة مليون دولار.

 

وأشار البرهان خلال الاحتفال الذي أقيم بقرية ود الأمين بمحلية شرق النيل؛ إلى الأثر الإيجابي والاقتصادي لمثل هذه المشروعات التي ينفذها الصندوق السعودي للتنمية وتأثيرها على مسيرة التنمية والشعب السوداني.

 

كم هو غريب أن لا تسقى مناطق شرق النيل إلا بمنح ومعونات، وهي تقبع جوار نهر هو من أطول أنهار العالم وأعذبها، مع قلة تكلفة تنقية مياه النيل!

 

إن الحديث عن عدم انتظار الحلول الخارجية في حفل تدشين آبار المنحة السعودية هو ضرب من ضروب التضليل والعبث بعقول البسطاء، فالسعودية دولة تنفذ سياسات أمريكا، وهي أحد أذرعها في المنطقة، ولا تحتاج معرفة هذه المعلومة إلى كثير عناء ولا تنقيب وبحث، ولا تحتاج إلى وثائق ويكيليكس، فالأمر بات واضحا وضوح الشمس في رابعة النهار، وبخاصة في عصر المعلوماتية، فبعد تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زمام الأمور في السعودية، قام بتغييرات مثيرة تشهدها منطقة الشرق الأوسط عموما والسعودية على وجه الخصوص، وكان المحرك الإقليمي الأبرز لهذه التغييرات هو القيادة السعودية الجديدة بالتعاون مع الرئيس الأمريكي السابق ترامب.

 

وقد عمد ترامب بعد توليه سدة الرئاسة إلى توثيق علاقته بالسعودية بوصفها دولة عميلة، وقد عمد إلى عقد قمة نادرة في الرياض عام 2017م ضمت قادة وممثلين من معظم الدول القائمة في بلاد المسلمين، خلال زيارته للسعودية، وفي كلمته في القمة أعلن ترامب، عن توقيع صفقات بحوالي 400 مليار دولار بين بلاده والسعودية.

 

وأضاف ترامب في كلمته يوم الأحد 21 أيار/مايو 2017 أن قيمة صفقات التسليح لوحدها تبلغ 110 مليار دولار. وكان البيت الأبيض قد ذكر قبل ذلك بيوم أن الصفقات تشمل "حزمة من العتاد الدفاعي والخدمات لتعزيز أمن المملكة ومنطقة الخليج في مواجهة التهديدات الإيرانية". وجاء في بيان أن "الصفقات تبين بشكل جلي التزام الولايات المتحدة بشراكتنا مع السعودية وشركائنا في الخليج، في حين توسع فرص الشركات الأمريكية في المنطقة وتوفر الآلاف من فرص العمل بقطاع الصناعات الدفاعية الأمريكية". وصرح مسؤول لوكالة فرانس برس أن المبيعات تهدف أيضاً إلى "تعزيز قدرات المملكة في المساهمة في عمليات مكافحة الإرهاب بالمنطقة، ما يخفف من الثقل الملقى على عاتق القوات الأمريكية في تنفيذ تلك العمليات". وبات مفضوحا أن الإرهاب المعني به هو الإسلام ليس إلا.

 

صحيح أن الوقوع في صدمة هذه الأحداث قد تفقد الإنسان العادي قدرته على التمييز، فكيف بحكام السعودية وهم في أطهر بقعة أن يرضوا لأنفسهم بأن يكونوا مجرد سهم في كنانة الغرب؟! لكن الذي يتابع تاريخ نشأة السعودية لا ينكر على حكامهم العمالة أبداً. إن السذج والذين لا يدركون حقائق الأمور يفسرون الأعمال والسياسات والأساليب الخاصة بدول العالم بمعزل عن العقيدة التي تحملها هذه الدول وبالتالي يبتلعون الطعم خلف الطعم، والضربة تلو الضربة دون أن يدركوا بأن المشكلة في الأفهام لديهم وليست في سياسة عدوهم تجاههم.

 

إن السعودية والسودان تتبعان للنفوذ الأمريكي، ولأن هذه الدول لا تتبنى فكرة من عقيدة فاعلة تقف وراء سياساتها، بل تتبع للغرب الرأسمالي الذي يتدخل في سياسات البلدان لمصالحه، فهذه الدول غالبا ما يكون مجال عملها محليا وقلما يكون إقليميا، وليس عالميا. فلا يخفى على السياسي المتابع والواعي بأن المساعدات والمعونات التي يقدمها عملاء الدول الرأسمالية لباقي الدول والشعوب في العالم وكذلك المؤسسات والمنظمات وهيئات حقوق الإنسان والإغاثة الدولية وشبيهاتها ما هي إلا تمهيد لسياسة استعمارية قادمة ونذير شر قريب، كما أنها ستار جميل تختفي وراءه السياسات الخبيثة والمخططات المحكمة للإجهاز على الدول والشعوب التي يراد السيطرة عليها واستغلال ثرواتها واستعمارها وإن لم تقم أمريكا بشكل مباشر ينوب عنها العملاء.

 

إنه ليس أشد إفساداً للفطرة من الذل الذي يعشعش في نفوس الأذلاء، فيقوم بتحطيم فضائل النفس وأخلاقها، ويحلل مقّوماتها ودوافعها، ويغرس فيها من طباع العبيد السيئة، فلا تنعم إلا تحت سوط الجلاد! وهكذا البنية النفسية المفككة، والجبلّة الهابطة المتداعية، تأبى على القوم أن يرتفعوا إلى مستوى الغاية التي من أجلها خلقوا، ومن أجلها عاشوا، ليخرجهم الله من الذل والهوان، ويرفعهم من المهانة والضعة، فإن للحرية ثمناً، وللعزة تكاليف، وللأمانة الكبرى التي أناطها الله بهم فدية بتطبيق شرع الله في دولة جامعة للمسلمين، خلافة راشدة على منهاج النبوة، وحمل الإسلام لينير ظلمات الرأسمالية الدامسة التي أبت لأهل النيل إلا أن يشربوا ماء الذل والصغار.

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان

آخر الإضافات