بسم الله الرحمن الرحيم

 

لن يصون الأرواح ويقتلع نفوذ الكفار إلا الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة

 

 

 

الخبر:

 

أكد السكان والجماعات الطبية المحلية أن الجثث ملقاة في الشوارع حيث بدأت بالتحلل محاطة بقتال لا تبدو ملامح انتهائه في الأفق.

 

وذكر وزير الصحة، هيثم محمد إبراهيم، في حزيران/يونيو أن الاشتباكات خلفت أكثر من ثلاثة آلاف قتيل، لكن هذه الحصيلة لم يتم تحديثها بعد ذلك، ومن المتوقع أن تكون أكبر بكثير، وفق ما ذكره أطباء وناشطون محليون لوكالة أسوشيتد برس. (قناة الحرة 12 آب/أغسطس 2023م)

 

التعليق:

 

السؤال الملح هو، من المسؤول عن هذه الأرواح؟ فكلا الطرفين يشير بأصابع الاتهام للآخر لكنهما شركاء في سفك الدم الحرام، مهما كانت المبررات، وسيلقون عقوبتهم يوم القيامة.

 

ومن المؤكد أن أمريكا هي من أشعلت فتيل الحرب بسياساتها الرعناء، التي لعبت دوراً محورياً في الوصول إلى الحرب بين العسكر مقابل إقصاء عملاء أوروبا، وشهد شاهد من أهلها؛ مجلة فورين بوليسي الأمريكية، حيث قدمت إجابة مباشرة عن سؤال ما الذي تسبب في الحرب في السودان؟ في تحليل لها بعنوان "السياسات الأمريكية مهّدت الطريق للحرب في السودان"، "ترى المجلة الأمريكية أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين قد يكونون هم القوى الوحيدة القادرة بشكلٍ محدود على تشكيل الأحداث في السودان، حيث تعمل الحكومة الأمريكية مع حكومات دول عربية، تحديداً مصر والسعودية والإمارات، في محاولة لمنع التوقعات القاتمة لانهيار دولة السودان. لكن هؤلاء الحلفاء الأمريكيين على طرفي نقيض فيما يخص السودان. ومع ذلك، قال دبلوماسيون غربيون لمجلة فورين بوليسي الأمريكية إنَّهم يدركون أنَّ العودة إلى الوضع القائم قبل 15 نيسان/أبريل أصبح أمراً مستبعداً على نحوٍ متزايد مع استمرار القتال. يأتي هذا الغياب للنفوذ الأمريكي بعد 4 سنوات فقط من بلوغ واشنطن ذروة آمالها بشأن السودان". انتهى حديث المجلة.

 

كلا طرفي القتال يبرر خطيئته بإلصاق التهم بالآخر وإبرازه بأنه هو المعتدي! والحقيقة هي أن أسلوب القتال الذي يتبناه طرفا القتال ينطوي على مفسدة وضرر متعمد بالناس، وهو سبب كافٍ لانتشار الجثث في كل مكان، فأحد طرفي القتال يقوم باقتحام واحتلال البيوت، بقوة السلاح بعد أن يقصف الطيران معسكراتهم، فشرّدوا الأسر واتخذوا من منازلها سكنا وقواعد عسكرية. ويقوم الطرف الآخر بدكّ وهدم هذه المنازل مستخدما الطيران والقصف المدفعي. فأصبحت بيوت الناس، وأرواحهم وأعراضهم، وأموالهم، ومرافقهم الخدمية، من مستشفيات ومدارس وجامعات، هي أرض المعركة والهدف الذي يسعى كل طرف للاستحواذ عليه ويسعى الطرفُ الآخر لدكه على رؤوس محتليه. لذا، فإن القول بأن الجيش يخوض "جهاد الدفع" الشرعي ردا على استيلاء الدعم السريع على منازل وأموال الناس، واستباحة أعراضهم، هو قول مبتور، وحكم ناقص بني على أساس النظر إلى المفاسد التي نتجت عن الحرب، وأُغفل حكم الله تعالى في شأن الحرب نفسها.

 

إن السبيل الناجع والطريق المختصر لوقف المفاسد التي نتجت عن الحرب، من استيلاء على منازل وأموال الناس، وهتك أعراضهم، بل وانتشار الجثث هو وقف الحرب وليس بإذكاء نارها! هذه الحرب هي فتنة يجب إخمادها وإلا فإن مفاسدها تزداد وتتمدد، وعما قريب لن تُبقي من السودان أخضر ولا يابسا.

 

فكل من له عقل يعلم أن أي جيش مهما كان محترفا ومتمرسا، سيتكبد خسائر بشرية كبرى إذا خاض حربا مع جيش آخر مدجج بالسلاح، ويختبئ ويقاتل من داخل منازل في مدينة مترامية الأطراف يقطنها الملايين من البشر، فما بالك بالزج بشباب لا خبرة لهم بالحرب واستعمال السلاح في هذه الحرب باسم جهاد الدفع!

 

إن الشرع يقضي بعدم الخوض في حروب تجر الوبال على المسلمين وتخدم الكفار المتصارعين على خيرات البلد، ولن تنتهي الحروب والنزاعات في السودان إلا بإقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، وهو وعد اللهِ وبشرى رسولهِ ﷺ وهو كائنٌ بإذن الله، ويومئذ لن يطاع إلا الله وسيلقى الكفار وأعوانهم ممن نكلوا بالمسلمين ما يستحقون.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان