بسم الله الرحمن الرحيم

 

الانتصار لرسول الله ﷺ بين جيوش الأمس واستنكارات اليوم!

 

 

 

الخبر:

 

ذكرت الجزيرة نت يوم 21 أيلول/سبتمبر خبراً بعنوان: "أردوغان وأنور إبراهيم يدينان تدنيس المصحف والخطابات الشعبوية"، جاء فيه أن الرئيس التركي أردوغان ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم أدانا بأشد العبارات حرق نسخ من المصحف الشريف في دول أوروبية، والخطابات الشعبوية التي تشجع على الإساءة والكراهية والاعتداء على الإسلام والمسلمين!

 

التعليق:

 

إن المفاهيم التي يكونها الإنسان عن الأشياء والأشخاص هي التي تحدد سلوكه تجاهها، وردّة الفعل التي تُتّخذ حيال أي موقف تكشف عن مدى حساسية هذا الموقف بالنسبة لصاحب ردّة الفعل. وبشكل واضح فإن مقام رسول الله ﷺ في نفوس المسلمين هو الذي يجعلنا نفديه بالروح والدم، ونقدم لأجله ولأجل دينه الغالي والنفيس، أما حكامنا الذين اتبعوا الغرب واتخذوهم أولياء، فيتبين من مواقفهم درجة حبهم لرسول الله ودرجة حبّهم لشريعته.

 

إن حكم المسلم على غيره يكون حكماً على الأفعال ومدى موافقتها لكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، فلا تنطلي عليه الكلمات الرنانة ولا ينخدع بالكلام اللين الذي لا تصدقه الأفعال ولا يوافق هدي رسول الله ﷺ. فنحن نحكم على حكام تركيا وماليزيا وغيرهم بما نراه من أفعال تترجم خذلان المسلمين والنكوص عن نصرة رسول الله ﷺ. فاللجوء للأمم المتحدة ليس سبيل النصر، وقراراتها التي هلّل لها الرجلان باعتبار 15 آذار/مارس من كل سنة يوماً لمناهضة الإسلاموفوبيا هي قرارات مستهلكة لا طائل منها، وهي في حقيقتها ضمان ورضا مبطنان بالقبول بالأمر الواقع واستمرار مآسي المسلمين في كشمير وبورما وتركستان الشرقية وفلسطين وبلاد الغرب...

 

إن مقام رسول الله ﷺ يُنتصر له بقوة ترعب أعداء الله وتضع حداً لكل من توسوس له نفسه بالإساءة، ومواقف الخلفاء الكرام ضاربة جذورها في صفحات التاريخ تبين لمن يريد البيان كيف ينتصر المحب لحبيبه وكيف يثأر المسلمون لمقام حضرة رسول الله ﷺ.

 

في كتاب زاد المعاد لابن القيم ورد ما نصه: "وذكر أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه مر به راهب، فقيل له: هذا يسب النبي ﷺ، فقال ابن عمر رضي الله عنه: لو سمعته لقتلته، إنا لم نعطهم الذمة على أن يسبوا نبينا"! وقد ورد في كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول إجماع الصحابة على قتل من شتم رسول الله ﷺ، حتى لو كان معاهداً، فكيف بمن يحرق المصحف ويسيء لرسول الله ﷺ من غير المعاهدين ممن يعلنون العداء لهذه الأمة؟!

 

ولنا في موقف السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله الذي كان بعصاه يرعب أوروبا الصليبية كلها وحبّه لرسول الله ﷺ مثال واضح، وموقف السلطان سليمان القانوني، والمعتصم بالله الذي حرك جيشه لأجل امرأة مسلمة... هذه هي المواقف التي يجب اتخاذها تجاه قضايا المسلمين والانتصار للإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام.

 

وشتان بين من يتخذ عدوه ولياً فيُلجم لسانه عن الانتصار لنبيّه وبين من يوالي أمته فيكون له ولها العزة، مصداقاً لقول الله سبحانه: ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً﴾.

 

إن جيوش تركيا وماليزيا وباكستان ومصر وغيرها بل جيش واحد منها لو وجد قائدا محبا لله ولدينه ولأمته لانتفض الغرب عن بكرة أبيه رعباً من هذه الأمة المنصورة بحفظ الله. هذه أمة تحتاج جيوشا تتحرك لرفع الضيم عنها، لا لخطابات رنانة لا تردّ عدواً ولا تحفظ أرضاً ولا عِرضاً!

 

فيا جيوش المسلمين اسمعوا خطاب الله لكم: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً﴾.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بيان جمال