بيان صحفي

لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلُح به أولها

 

أُقيمت في مدينة الصدر ببغداد صلاة جمعة موحدة، جمعت مئات آلاف من أنصار التيار الصدري، وألقى الشيخ محمود الجياشي خطبة زعيم التيار مقتدى الصدر، التي تضمنت عشر نقاط ركز فيها على أن تكون الحكومة المقبلة ليست كسابقاتها، وأنَّ أولى خطوات التوبة هي محاسبة فاسديهم علناً وبلا تردّد، وطالب بتجذير حب الوطن، والتعامل مع الدول الأخرى بالمثل دبلوماسياً واجتماعياً واقتصادياً، وأكد أنَّه لا يمكن تشكيل حكومة عراقية قوية مع وجود سلاح منفلت ومليشيات منفلتة؛ لذا عليهم أجمع التحلي بالشجاعة وإعلان حلِّ جميع الفصائل، وأردف كلّنا سمعنا مقولة: (المجرَّب لا يُجرَّب) فلا تعيدوا المجرَّب فإنّه سيستمر بغيّه، فلا نريد أن تُعاد المأساة القديمة ويباع الوطن وتتكرر سبايكر والصقلاوية، في إشارة إلى تأكيد رفضه ترشيح المالكي، كما قام بدغدغة مشاعر الناس بالإشادة بالجيش العراقي والقوات الأمنية، وتعاون أهالي المناطق المحررة في "عملية التحرير"، وإبعاد المليشيات والتجار الفاسدين عنها، والدعوة لأن تُبنى بأيدي أهلها.

 

هذا جل ما جاء في كلمة الصدر، ولقد صُمّت آذان الشعب العراقي من هذه الشعارات ومن شعارات السياسيين جميعاً، فالكل ينادي بمحاسبة الفاسدين، والفاسدون هم من الكتل جميعاً وبلا استثناء، فالتيار الصدري الذي ينادي بمحاسبة الفاسدين، لديه نواب ووزراء وسفراء ومحافظون منذ عام 2003 وإلى الآن، ومع جميع الحكومات المتعاقبة، وكل هذا التخبط الذي نراه في الواقع السياسي العراقي، والفوضى السياسية التي أعقبت الانتخابات المبكرة لأكثر من ثمانية أشهر، سببه صراع المصالح والكراسي، ولا علاقة له بالإصلاح أو معاناة الشعب العراقي فهذا آخر همّ الساسة العراقيين.

 

إن المتابع للشأن العراقي يرى أنَّ ما يجري فيه من فوضى سياسية، ليست بعيدة عن إرادة المحتل الأمريكي، وأنَّ البلد لا يزال لا يمتلك قراره السياسي، وأنَّ الكتل السياسية عاجزة عن تشكيل الحكومة ما لم يتدخل المحتل الأمريكي ويقدم الحلول ويفرض رئيس الحكومة ويباركه، وهذا واضح من تصرف مقتدى الصدر صاحب أكبر كتلة انتخابية، فانسحابه وشروطه كانت لإنقاذ العملية السياسية التي باتت تحتضر، وحتى شروطه أعلاه فهي عين ما تريده الإدارة الأمريكية، من تحجيم الدور الإيراني، والسيطرة على الفصائل المسلحة المنفلتة، وتحسين صورة العملية السياسية لخداع الشعب العراقي واحتواء تذمره الذي قد يشكل خطراً على النظام السياسي، وإنّ تحرك الرئيس الأمريكي بايدن وزيارة السعودية ولقاءه بالكاظمي، ومباركته الاتفاق السعودي العراقي حول الطاقة، واحتضان المباحثات السعودية الإيرانية في بغداد، وكيل المديح والثناء على الكاظمي، يوحي بقبول هذه الشخصية، وتحسين صورتها لفرضها في رئاسة الحكومة المقبلة، خاصة وأن الكاظمي مقبول من جميع الأطراف، بالرضا أو بالإكراه، وهو أحد الذين طرحت أسماؤهم مؤخرا لمنصب رئيس الوزراء.

 

أيها المسلمون في العراق:

 

إن المحتل الأمريكي ومن سار في ركبه ونفذ مخططاته ومرر دستوره وشارك في العملية السياسية التي أوصلتكم إلى ما أنتم عليه، كل أولئك لكم عدو فاتخذوهم عدواً، ولا تأمنوا لأي أحد منهم مهما أعطاكم من كلام معسول، وإنَّ دور جميع السياسيين هو المحافظة على النظام السياسي الذي فرضه المحتل بقوته العسكرية، فلا يتجرأ أحد منهم على المساس به وبدستوره المشؤوم، وكل هذه الفوضى والجعجعة التي نشاهدها في الواقع السياسي محورها المناصب والمكاسب، فالتيار الصدري ومعارضوه كلهم متفقون على هذا النظام، ولم نسمع تصريحاً من أحدهم أنَّ أس الداء وسبب البلاء والفساد والمعاناة التي يعيشها أبناء هذا البلد هو هذا النظام السياسي ودستوره الذي فرضه المحتل، فمن يسعى للعلاج يجب عليه التركيز على المرض نفسه، فلا ينشغل بأعراضه، ومن أراد القضاء على الفساد يجب عليه تدمير العش الفاسد الذي يفرّخ الفاسدين، فالأحمق هو من يحاول جني العسل من خرء الذباب!

 

أيها المسلمون:

 

لقد جربتم حكم الطاغوت بأشكاله كافة، فما زادكم إلا قهراً وذلاً، أما آن لكم أن تُفيقوا من غفلتكم وتعودوا لرشدكم فتضعوا عن كاهلكم ذل قرن من الزمان تتقلبون في أحضانه وتكتوون بناره؟! أما آن لكم أن تدركوا أنَّ خلاصكم وعزكم وصلاح حالكم لا يكون إلا باقتلاع هذا النظام السياسي العلماني الفاسد من جذوره، وإقامة النظام السياسي العادل الذي يكون السلطان فيه لكم، والسيادة لشرع الله وحده، فيكرمكم الله سبحانه وتعالى بأن تعودوا خير الأمم والشهود عليهم؟! قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾.

 

اللَّهم إنَّا نسألك بُشرى رسولك نصراً وتمكيناً وخلافة على منهاج النبوة.

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

في ولاية العراق

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية العراق
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 
www.hizb-ut-tahrir.info
E-Mail:  عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.