ارشيف ولاية العراق
بسم الله الرحمن الرحيم

الخصخصة والاستثمار تمهيدٌ لهدم الاقتصاد في العراق وتمكينٌ أكبرُ للاحتلال

 

 

أفادت تقارير بأن عشرات من الشركات الحكومية العراقية يمكن أن تخصخص وتستثمر في غضون عام. وصرّح (تيم كارني) مستشار التحالف البارز في وزارة الصناعة والمعادن العراقية لصحيفة (فاينانشال تايمز) «بأن الحاجة للاستثمار الأجنبي كبيرةٌ للغاية، بحيث لا يمكن تأجيل الخصخصة» . وكان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قد قال في وقتٍ سابق: «إنه ينتظر تشكيل حكومة عراقية كي يبدأ في عملية الخصخصة والاستثمار». وأضافت الصحيفة أن السيد كارني التقى بمسؤولين من وزارة الصناعة العراقية، في أول جلسة للتفكير المبدع حول كيفية البدء في عملية الخصخصة. وصرّح كارني للصحيفة «بأن الوزارة بدأت في تقسيم مشاريعها إلى مشاريع يمكن خصخصتها في وقتٍ مبكّر، وأخرى ينبغي تأجيلها، وثالثة ينبغي حلّها أو دمجها قبل بيعها». إلا أن الملاحظ أن هناك أعمال تهيئة وإعداد لهذا التحويل وبمباركة وتوجيه مما يسمى بمجلس الحكم الانتقالي، فقد قامت وزارة الصناعة والمعادن أخيراً وبتوجيهٍ مما يسمى بمجلس الوزراء بالإيعاز إلى شركات الإسمنت العراقية الشمالية والجنوبية، وتخضع لها إدارياً جميع معامل الإسمنت الموجودة في العراق، برفع سعر الإسمنت إلى 60 دولاراً أميركياً للطن الواحد بذريعة مراعاة السعر العالمي!! بعد أن كان سعر الطن الواحد منه خمسين ألف دينار عراقي بعد الحرب، وتسعة عشر ألف دينار قبل الحرب. علماً بأن تكلفة تصنيع الطن الواحد منه لا تزيد عن ثلاثة آلاف دينار!! وقد قيل: أولُ الغيثِ قطرٌ ثم ينهمرُ.
أيها المسلمون:
لقد فرض الغرب الكافر علينا أنظمته وأفكاره ووجهة نظره في الحياة، فظهرت في كل شيء، في الدعوة إلى الحوار بين الأديان، والتقارب بين الحضارات، والحريات وغيرها كثير. وحين أراد أن يضع يده على ثرواتنا جاءنا بأفكار تؤهله لذلك، فجاءنا بفكرة الخصخصة والاستثمار الأجنبي وحرية السوق، ليسيطر على كل شيء. وأخذ حكام بلاد المسلمين يحاكونه ويقلدونه في كل شيء. وأخيراً خرج علينا ما يسمى بمجلس الحكم الانتقالي ممثلاً بوزيره المالي كامل الكيلاني بعرضه ودعوته للسماح للاستثمارات الأجنبية وفي كافة قطاعات البلد وبنسبة 100% !! عدا قطاع النفط لكي لا يحرج أميركا!. لقد اتبعوا الغرب شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخل جحر ضبٍّ لدخلوه!.
لقد عمّت هذه الفكرة كثيراً من بلاد المسلمين كالأردن واليمن والسعودية ومصر وتركيا وإندونيسيا وباكستان وغيرها، ولما كانت هذه الفكرة فكرة رأسمالية منبثقة عن وجهة نظر الغرب في الحياة، وباعتبارنا مسلمين يجب علينا أن نحكّم الإسلام في علاقاتنا كلها كان لا بد لنا من معرفة حكم الشرع فيها بعد معرفة واقعها. وهي تعني، أي الخصخصة، تحويل المصانع والمؤسسات والمنشآت والمرافق الاقتصادية من ملكية الدولة أو الملكية العامة إلى الملكية الخاصة، وتنصّ على أنه كلما تحرّر القطاع الخاص في العمل والاستثمار والاستخدام، زاد النمو الاقتصادي والازدهار. وبناءً على هذا يكون دور الدولة الاقتصادي الرقابة وضبط النظام فقط!. وأما الاستثمار الأجنبي فهو اجتذاب رأس المال الأجنبي للاستثمار في بلادنا، وتقديم التسهيلات له، ويسميه البعض تجميلاً بالشريك الاستراتيجي!.
والخصخصة والاستثمار مخالفة لأحكام ديننا الحنيف، ولا تحل مشاكلنا، بل تضيف مشاكل أخرى إلى مشاكلنا، وتصبح عقدةً تضاف إلى عقد المجتمع الكثيرة، لأن الحكام باسم الخصخصة والاستثمار يتخلّون عن رعاية شؤون الناس التي فرضها اللّه عليهم، وباسم الشريك الاستراتيجي والخبرة الأجنبية، يملّكون مقدّرات الأمة ومصالحها للكفار. الذين يضربون الصناعة الوطنية من جهة، ومن جهةٍ أخرى يخرجون المال بطرق مشروعة وغير مشروعة من البلاد. فهم أعداء داخل حصون البلد، وأداة من أدوات إفلاسه وهدمه. وهذه جرائم يستحق فاعلها والساكت عليها عذاب اللَّه تعالى، لأن اللَّه عز وجلّ يقول: {وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً } [النساء/141] . ولإدراك ذلك لا بد من بيان واقع الملكية العامة في الإسلام، وكيفية التصرف بها، فقد عرّف الإسلام الملكية العامة بأنها: «إذن الشارع- أي اللَّه عزّ وجلّ وحده- للجماعة بالاشتراك في الانتفاع بالشيء» وتنحصر هذه الملكية في الأنواع الثلاثة التالية:
أ- ما هو من مرافق الجماعة: وهي الأشياء التي لا تستغني عنها حياة الجماعة، وتتفرق عند فقدها في طلبها كالماء والكلأ (العشب والمراعي الطبيعية) والوقود أو الطاقة، عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: «المسلمون شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار» رواه أبو داود. ويلحق بهذا النوع من الملكيات العامة، كل آلة تستعمل فيه كآلات استخراج المياه العامة، وأنابيب توصيلها، وكآلات توليد الكهرباء من مساقط المياه العامة، وأعمدتها وأسلاكها ومحطاتها.
ب- المعادن التي لا تنقطع وهي المعادن الكثيرة غير محدودة المقدار. أما المعادن القليلة المحدودة المقدار فإنها تكون من الملكية الفردية، وتعامل معاملة الركاز وفيها الخمس. ومن المعادن التي لا تنقطع مناجم الذهب والفضة والبترول والفوسفات والحديد والكبريت وغيرها، ودليل ذلك ما روى الترمذي عن أبيض بن حمّال: «أنه وفد إلى رسول اللَّه (صلى الله عليه وآله وسلم) فاستقطعه الملح- أي طلب أن يعطيه أرضاً فيها ملح- فقطع له، فلما أن ولّى قال رجلٌ من المجلس أتدري ما قطعت له؟ إنما قطعت له الماء العدّ، قال فانتزعه منه»، فلما علم أنه من المعدن الدائم الذي لا ينقطع رجع عن إقطاعه، وأرجعه منه، ومنع ملكية الفرد له، لأنه ملكية عامة أي من ملكية الجماعة.
ج- الأشياء التي من طبيعة تكوينها تمنع اختصاص الفرد بحيازتها كالطرق والأنهار والبحيرات والمساجد ومدارس الدولة والساحات العامة، وهي الأعيان التي تشتمل على المنافع العامة أي لعموم الناس. قال عليه الصلاة والسلام: «منى مناخ من سبق» أي أن منى ملك لجميع الناس، فمن سبق في أي مكانٍ منها وأناخ فيه فهو له. وقال أيضاً «لا حمى إلا للّه ولرسوله» أي ليس لأحد أن يختص بحمى شيءٍ مما هو لعموم الناس. والحِمى هو المكان المحمي.
وأما المصانع والمنشآت فإنها تأخذ حكم ما تصنع فإن أُنشئت لتصنيع ما هو من الملكية العامة، كانت ملكية عامة، كمصانع تكرير النفط، وإن أنشئت لتصنيع ملكية فردية كمصانع النسيج والسيارات وغيرها كانت ملكية فردية.
هذه الأنواع الثلاثة هي أنواع الملكية العامة في الإسلام لا يجوز للأفراد بصفتهم الفردية أو للدولة أن يتملكوا منها شيئاً، ولا يجوز للدولة أن تبيعها أو تملّكها لأيٍّ كان، ولا أن تخصّ بها فئةً دون أخرى لأنها ليست ملكاً لها، فيكون بيع أي جزءٍ منها أو تأجيره جريمة كبرى واعتداءً سافراً، وهو حرام شرعاً، بل ويحرم على الأمة أن تسكت عنه وترضى به. ولا يحق لأي حاكمٍ أو أي نظام التصرّف فيها إلا وفق ما بيّنه الشرع، ويكون دور الدولة فيها مقتصراً على تمكين الرعية من الانتفاع بهذه الملكية فرداً فرداً، وفق أساليب وإجراءات تحقق ذلك.
أيها المسلمون: إن ما حلّ بالعراق وما يحلّ في أي بلدٍ من بلاد المسلمين من احتلال وسيطرة وتحكّم للكفار لا يمكن أن يكون لولا رضا الحكام وسكوتهم، أو تآمرهم معهم على المسلمين، وما قبولهم بالخصخصة والاستثمار الأجنبي في بلادنا إلا دليل قريب على ذلك، ودليل واضح بيّن على مشاركتهم في هذا المخطط الشنيع الذي أحكم تخطيطه وتنفيذه الكافر المحتل لنهب ثروات الأمة وخيراتها، وليحكم قبضته عليها. فلا ينبغي أن يتوقع أحد من الناس أن يأتيه خيرٌ من هؤلاء الحكام، ولا من هؤلاء الكفار، أعداء الله ورسوله، بل ويجب علينا جميعاً دفع هذا الكافر المحتل، وإخراجه من بلادنا وكافة بلاد المسلمين. فإلى العمل جميعاً معنا ندعوكم أيها المسلمون إلى إفشال هذه المخططات اللئيمة، وغيرها كثير، ولن يكون ذلك إلا بالعمل من أجل استئناف الحياة الإسلامية بإقامة الدولة الإسلامية التي ترعى شؤون الناس كل الناس بالعدل والحق والخير بنظام من رب العالمين وحده الخالق المدبّر لا غير.
فإلى العمل ندعوكم أيها المسلمون {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }

 

الأربعاء الثاني عشر من شعبان 1424هـ
 
حزب التحرير

الموافق

2003/10/08م
 
ولاية العراق

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

القبول بدسـتور للعـراق بأمر الكافر المحـتل جـريمـة نكـراء

 

 

أعلن (بليمر) الحاكم الأميركي المحتل للعراق في مؤتمره الصحفي في 5/7 أنه شكل مجلس حكم من مسئولياته (الدعوة إلى مؤتمر دستوري) ثم أكَّد في حديثه أن الدستور (سيكتبه عراقيون، دون تدخل منه) وأنه سيعهد بكتابة الدستور العراقي إلى شخصيات عراقية منتخبة يدعمها خبراء دوليون، دون ضغط أو إجبار بل يضعه العراقيون باختيارهم.  ثم طفق (بليمر) بعدها بزيارة جهات عراقية نافذة، ممهداً لمجلسه ودستوره، مؤكداً ومركزاً على وضع العراقيين للدستور باختيارهم (الحر)، وأخذت وسائل الإعلام الأمريكية وأشباه الأمريكية تكيل المدح لذلك باعتباره دليلاً على (عدل) أمريكا و(الحرية) التي تدعو لها، ثم ردّد هذا القول أيضاً أتباع بلير ومعاونوه، والمنافقون ومن لحق بهم.
أيها المسلمون في العراق:
إن الامتثال لأمر بليمر بوضع دستور للعراق ممهور بخاتم الحاكم الأمريكي المحتل لهو جريمة كبرى من ثلاث شعب:
الأولى:  إن دستور المسلمين ليس مجهولاً بل هو معلوم مفروض من خالق الخلق ومدبر أمره، كتاب الله سبحانه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والرافض له المنكر له كافر بالله رب العالمين {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً}.
والثانية:  إن تشريع البشر لأنفسهم يعني اتخاذهم أرباباً من دون الله كما بـيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسير الآية الكريمة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} بأنهم قبلوا منهم تشريع الحلال والحرام واتبعوهم في ذلك، فكان هذا اتخاذاً لهم أرباباً من دون الله.  وتلك جريمة أكبر من أختها.  فكل بشر، عراقيين كانوا أو غير عراقيين، لا يحل لهم أن يشرعوا من دون الله فالتشريع هو لله وحده {إن الحكم إلا لله}.
أما الثالثة:  فأن يكون هذا التشريع لأهل العراق بإذن من الحاكم الأمريكي المحتل للعراق، وبإقرار منه و(بمكرمة) يعلنها أنه يسمح لأهل العراق أن يضعوا دستورهم باختيارهم دون أن بفرضه عليهم!  وهذه وإن كانت جريمة لكنها فوق ذلك تنطق بالعنجهية الأمريكية التي تريد إذلال العراق وأهله.
أيها المسلمون في العراق:
إن المسألة ليست أن يسمح لكم الكافر الأمريكي المحتل أن تضعوا دستوراً لكم باختياركم أو بغير اختياركم، بل المسألة هي الاحتلال نفسه والقضاء عليه وزواله.  بهذا ينطق دستوركم {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً} وهو يقضي بالوقوف في وجه الاحتلال وعدم التعامل معه أو استقباله أو الامتثال لما يفرضه أو يعرضه من سم يغلِّفه دسم بل من سم دون غلاف.  فالقضية ليست البحث مع (بليمر) عن دستور يفرض جبراً أو اختياراً بل القضية هي البحث بينكم عن القضاء على الاحتلال وزواله ثم تنفيذ ذلك بعزم وحزم.
أيها المسلمون في بلاد الإسلام:
إن حزب التحرير في العراق يستنصركم لنصرة العراق وأهله، وأن لا تتركوه وحده يواجه القوة الأمريكية الغاشمة، وصلفها وغرورها، فأنتم أمة عظيمة، سلمها واحد، وحربها واحد، وإن تفرقكم في مواجهة الكفار المحتلين، وعدم اجتماعكم عليهم لهو أمر يمقته الإسلام، ويبرأ منه، وهو مدعاة للذل والهوان، ولتفاقم الويلات وازدياد شرورها، وإن لكم عبرةً في ترككم أهل فلسطين وحدهم يواجهون يهود، وترككم أهل الشيشان وحدهم يجابهون الروس، وترككم أهل كشمير وحدهم يجابهون الهندوس، وكذلك ترككم أهل أفغانستان وحدهم يجابهون أمريكا وبريطانيا وأتباعهما فكل ذلك جريمة في دين الله، فلا تكملوا الدائرة بالموقف نفسه من العراق.
إنه ليس لكم حجة أمام الله أن تقولوا إن حكامكم عملاء للكفار لا يحركون جيشاً ضدهم، ولا يعيقون مصلحةً لهم، فإنكم قادرون، إذا أخلصتم العمل لله، وصدقتم مع رسول الله أن تحركوا هذه الجيوش، كما أنكم قادرون على القضاء على الحكام الذين يمنعون تحريك الجيوش ويعطلون ذروة سنام الإسلام.  إنكم لتستطيعون ذلك، بل وفوق ذلك، تستطيعون إقامة دولة الإسلام، الخـلافة الراشدة، التي تُجيَّش الجيوش، يقودها خليفة المسلمين، يُـتَّقى به ويُقاتل من ورائه، يزحف بها نحو العراق وغير العراق، وينصر الشيوخ والنساء والأطفال الذين يتعرضون صباح مساء لعدوان أمريكا وبريطانيا وأتباعهما، وبهذا يذكركم الله في ملأ من عنده، وتنالون عز الدنيا والآخرة.
إن حزب التحرير في العراق يستنصركم فهل أنتم مجيبون؟

 

10 من جُمادى الأولى 1424هـ
 
حزب التحرير
 
2003/07/10م
 
ولايـة العـراق

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

ثمَرةٌ جديدةٌ مِنْ ثمـار الاحتلال وأعوانه: ” الاعتداءُ على النصَّارى ”

 

غادرت الموصل أمس السبت قرابة (1000) عائلة نصرانية فراراً من أحداث العنف التي أوقعت (11) شخصاً خلال أسبوع، وأسفرت عن تفجير عدد من الدور السكنية، وقد لجأت هذه العوائل إلى المدن القريبة، مثل: الحمدانية، وبعشيقة، وتلكيف، كما غادر قسم منهم إلى أربيل ودهوك، ويبدو أن الهجرة مستمرة في ظل صمت الحكومة وأدواتها من الجيش والشرطة والإدارات البلدية.

أيها المسلمون في العراق:
إنّ أهل الذمة أمانة في أعناقكم وحمايتهم من الواجبات التي قررتها الشريعة الإسلامية، بل صحّ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (( من قتل معاهداً لم يَرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً ))، والمراد بالمعاهد: “الذميّ” ، وورد أيضاً: (( من آذى ذميّاً فقد آذاني )) ؛ لذا نجد أنّ النصارى عاشوا بأمان واطمئنان قروناً طويلة في ظل دولة الإسلام، بل كانوا يمارسون عباداتهم والأحكام المتعلقة بالمطعومات والملبوسات والأحوال الشخصية فيما بينهم حسب شرائعهم، فلم يتعرض لهم أحد بسوء؛ لأن الإسلام يضمن حماية الرعية بغض النظر عن الدين والعرق.

أما ما يحصل هذه الأيام فما هو إلا امتداد لما حصل سابقاً من إثارة للنعرات الطائفية والعرقية، فبالأمس كانت بين المسلمين سنة وشيعة، عرباً وأكراداً وتركماناً، بل اليوم امتدت لتشمل أصحاب الديانات الأخرى بدءاً بالنصارى؛ ذلك أنّ إثارة الفتن والمشاكل بين أبناء لبلد الواحد هو مادة الكافر المحتل وأعوانه للسيطرة على البلاد، وعقوبة لأهل البلد لرفضهم الاحتلال وما جلبه من ديمقراطية فاسدة وحريات كريهة، التي أصبح العراق بسببها من أوائل دول العالم من حيث انتشار العنف والقتل، وتفشي الفساد الإداري والمالي، وانهيار النظم التعليمية في مراحلها كافة.

أيها المسلمون:
إنّ خلاصكم مما أنتم فيه لا يكون إلا بتطبيق أحكام الإسلام من خلال دولة الخلافة الراشدة التي ستعيد الحق إلى نصابه وتنشر العدل والخير والأمان ليس للمسلمين فحسب، بل لكل من يعيش معهم من أصحاب الديانات الأخرى.

{ وََلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }

 

13/شوّال/1429هـ
 
حزب التحرير
 
2008/10/12م
 
ولاية العراق

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

انتخابات العِرَاق كسَرابٍ يحسَبُهُ الظَّمآنُ ماءً

 

منذ أسابيع والترويج للانتخابات المزمع إجراؤها أواخر شهر نيسان، يجري على قدم وساق، وعلى المستويات كافة، من سياسيين (حكومة وبرلمان)، ومرجعيات دينية، وغيرهم، وكأنَّها البلسم الشافي، والدواء الناجع لما يعاني منه هذا البلد الذي ابتُلي بحفنة ممن نزع الله من صدورهم أدنى شعور بالمسؤولية تجاه هذه الأمة المنكوبة.

يجري هذا الترويج في ظل حملة عسكرية شعواء تشُنَّها الحكومة العراقية بقيادة (المالكي) على محافظات ومدن عدة بذريعة القضاء على الإرهاب!!

يجري هذا الترويج في ظل غياب لأدنى مقومات العيش الكريم، التي جاءت في شعارات مرشحي الانتخابات من تحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب والفساد، وتوفير الخدمات، فضلاً عن الوعود بإنهاء حالة الانقسام الطائفي والعرقي، وغير ذلك.

ولكن .. أليس أغلب - إن لم نقل كل -  هؤلاء المرشحين هم أنفسهم أركان الحكومة الحالية وبرلمانها العتيد؟!

ألم ترفع هذه الوجوه الشعارات نفسها في الدورة السابقة؟! فماذا أُنجز من تلك الوعود؟! ألم يكفِ ما مضى من سنين ليعلم الشعب حقيقة هذه الوعود، وأنَّها كسَرابٍ يحسَبُهُ الظَّمآنُ ماءً؟!

هذا هو واقع المرشحين، أما من حيث الحكم الشرعي في هذه الانتخابات، فإنَّ الانتخاب لُغةً: الاختيار، ومن حيث واقعه: هو وكالة أو نيابة، فالانتخاب ليس غاية، بل وسيلة للكشف عمّن يريد الناس توكيله أو إنابته في أمر معين، والوكالة والنيابة في الإسلام تأخذ حكم ما جرت فيه، فإن كانت في حلال فهي حلال، وأما إن كانت النيابة والوكالة في محرم، فإنَّها تأخذ حكم التحريم.

وإذا نظرنا في واقع هذه الانتخابات، لوجدنا أنَّها تجري في ظل نظام رأسمالي ديمقراطي، يكون حقّ التشريع فيه للبشر من دون الله تعالى، وهذا من أكبر المحرمات كما دلَّت عليه النصوص الشرعية القطعية ثبوتاً ودلالة، ومنها قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أنهمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾، فضلاً عن سائر واجبات البرلمان من انتخاب رئيس للدولة لا يحكم بشرع الله عزَّ وجلَّ، وإعطاء الثقة للوزارة التي تحكم بغير ما أنزل الله تعالى، ومحاسبة الحاكم على أساس الدستور الوضعي، وغير ذلك، فهي وكالة فيما حرَّمه الله تعالى، فتحرُم المُشاركة فيها ترشيحاً وانتخاباً.

أيها المسلمون في العراق:

إنَّ منَّة الله تعالى بأن هدانا للإسلام تحتم علينا أن لا نتلبس بعمل حتى نعرضه على شرع الله سبحانه وتعالى، وأن لا نستقي حكماً من غير شرعه؛ لذا فإنَّ المُشاركة في هذه المعصية (الانتخابات)، يعدُّ انفصاماً في شخصية المسلم، فهو من جهة يحمل بين جنباته عقيدة الإسلام، ولكنه مع ذلك يرضى بأن يكون هؤلاء البرلمانيون مشرعين من دون الله تعالى!!

أيها المسلمون:

إن نجاتنا وخلاصنا، لن يكون بالتَّنصّل من أحكام الله وشرعته والتنازل عنها، وإنما يكون بالتمسك بها قلباً وقالباً، وأُولى خطوات ذلك تكون بالعمل الجاد الدؤوب مع المُخلصين من أبناء هذه الأمة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة خلافة على منهاج النبوة، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾، فتعود هذه الأمة لاقتعاد ذُرى المجد، والتأثير في الساحة الدولية، والاقتصاص من كل من آذى المسلمين، و﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

20 جمادى الآخرة 1435هـ
 
حزب التحرير
 
2014/04/20م
 
ولاية العراق

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

حزب التحرير
يهنئ الأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك

 

بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، يسر حزب التحرير ـ ولاية العراق، أن يتقدم إلى الأمة الإسلامية عامّة، وأهل العراق بخاصة ليبارك لهم العيد، سائلين المولى عز وجل أن يجعل عيدها عيد خير وبركة، ونصر وتمكين.
وحزب التحرير إذ يتقدم لكم بهذه التهنئة، ويشارككم فرحة العيد تعظيماً لشعائر الله سبحانه وتعالى ، لا يسعه إلا أن يذكركم بثلاثة أمور:

1- إن عيدنا هذا حزين، ففي الوقت الذي يجتمع فيه المسلمون في وحدة إسلامية عظيمة، جمع الله تعالى فيها الأبيض والأحمر والأسود ، والعربي والأعجمي ، من كل حدب وصوب حول الكعبة المشرفة ـ مهد الرسالة الإسلامية ـ وعلى صعيد عرفة، نرى في بلاد المسلمين الفرقة والشتات .. نرى من يعمل لترسيخ فصل الدين عن الحياة ( العلمانية ).. نرى من يعمل لترسيخ فكرة إعطاء البشر صلاحية التشريع من دون الله تعالى ( الديمقراطية ).. نرى من يعمل لتمزيق بلاد المسلمين أكثر مما هي ممزقة باسم الفدرالية..... نرى كل ذلك بدل أن نرى العمل لتوحيد بلاد المسلمين وتحكيم شرع الله عزَّ وجل. وكذلك نرى اعتقالات ظالمة، واغتيالات مشبوهة، وانتهاكاً للحرمات، وتفجيرات في الأسواق والمآتم وأمام مراقد الأئمة، ... يقتلون الأبرياء بغير حق، يقتلون المسلم الذي قال عنه صلى الله عليه وآله وسلم : «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» .

وحزب التحرير إذ يدين هذه الأعمال التي تمارس ضد المسلمين، فانه يحمِّل قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وحلفاءَهم وأعوانهم، كامل المسؤولية، حيث تواترت الأنباء عن ضلوع هذه الجهات بعدد كبير من هذه الأعمال بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبخاصة في الأسواق والمآتم والمساجد ... وهذا واضح جلي فإن المسلم لا يوجه مقاومته لمساجد المسلمين وأسواقهم ومآتمهم، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.... لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» .

2- لقد حذركم حزب التحرير في أكثر من مناسبة من الانسياق وراء العملية السياسية التي يُعدُّها المحتل، وبين لكم أن المحتل إنما يريد من هذه العملية إضفاء الشرعية على احتلاله، وتسويق صلاحية التشريع للبشر مكان رب البشر باسم الديمقراطية، وأنه يريد تحقيق ذلك بالتزوير وبغيره، وما الانتخابات الأخيرة إلا حلقة من سلسلة طويلة تنتهي بتمكينه من رقاب المسلمين وخيرات بلادهم، ومنعهم من إقامة دولتهم، هكذا حذَّركم الحزب وبيَّنه لكم، لكنكم أبيتم إلا الاستماع لدعوات المشاركة.. وماذا كانت النتيجة ؟!.

لقد كانت أول مكافأة لكم على مشاركتكم في الانتخابات واستجابتكم لنداء بوش وبلير وحلفائهما وأتباعهما ـ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ أن رفعت أسعار المحروقات، بقرار فردي من الحكومة، ودون الرجوع إلى ما يسمى بالجمعية الوطنية، والذريعة هي اشتراط صندوق النقد الدولي رفع الدعم عن أسعار المحروقات. لينظر المسلمون إلى هذا الشيطان اللعين وما فعله ويفعله في بلاد المسلمين في آسيا الوسطى وجنوب إفريقيا، وكيف جعل منها دولا فقيرة مثقلة بالقروض، لا تملك قرارها السياسي.

3- إن حزب التحرير قد نذر نفسه للعمل لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، وفي عمله هذا يلتزم بالطريقة الشرعية التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو يتخذ من الصراع الفكري والكفاح السياسي، وحمل الدعوة وطلب النصرة طريقاً لا يحيد عنه ، ولا يتبنى القيام بالأعمال المادية طريقةً لتحقيق هذا الهدف أثناء حمله الدعوة.

أيها المسلمون: 
إن الدنيا دار غرور ومتاع زائل، فلا تغرنكم المصالح الدنيوية، ولا يغرنكم بالله الغرور، ولا تنخدعوا ببعض المكاسب الجزئية المزعومة. واعلموا أن خلاصكم في الدنيا والآخرة لا يكون بالاستجابة لمن يدعوكم للسير في ركب المحتل وتنفيذ مؤامراته ومخططاته. وإنما يكون خلاصكم في الدنيا والآخرة بالتمسك بشرع الله تعالى، والعمل الدؤوب لإقامة دولة الإسلام التي تطبق شرع الله تعالى كاملا غير منقوص.

{الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ . مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .

 

 

العاشر من ذي الحجة 1426هـ
 
حزب التحرير

الموافق

2006/01/10م
 
ولاية العراق

 

 
 

آخر الإضافات