ارشيف ولاية العراق
بسم الله الرحمن الرحيم

انتخابات العِرَاق كسَرابٍ يحسَبُهُ الظَّمآنُ ماءً

 

منذ أسابيع والترويج للانتخابات المزمع إجراؤها أواخر شهر نيسان، يجري على قدم وساق، وعلى المستويات كافة، من سياسيين (حكومة وبرلمان)، ومرجعيات دينية، وغيرهم، وكأنَّها البلسم الشافي، والدواء الناجع لما يعاني منه هذا البلد الذي ابتُلي بحفنة ممن نزع الله من صدورهم أدنى شعور بالمسؤولية تجاه هذه الأمة المنكوبة.

يجري هذا الترويج في ظل حملة عسكرية شعواء تشُنَّها الحكومة العراقية بقيادة (المالكي) على محافظات ومدن عدة بذريعة القضاء على الإرهاب!!

يجري هذا الترويج في ظل غياب لأدنى مقومات العيش الكريم، التي جاءت في شعارات مرشحي الانتخابات من تحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب والفساد، وتوفير الخدمات، فضلاً عن الوعود بإنهاء حالة الانقسام الطائفي والعرقي، وغير ذلك.

ولكن .. أليس أغلب - إن لم نقل كل -  هؤلاء المرشحين هم أنفسهم أركان الحكومة الحالية وبرلمانها العتيد؟!

ألم ترفع هذه الوجوه الشعارات نفسها في الدورة السابقة؟! فماذا أُنجز من تلك الوعود؟! ألم يكفِ ما مضى من سنين ليعلم الشعب حقيقة هذه الوعود، وأنَّها كسَرابٍ يحسَبُهُ الظَّمآنُ ماءً؟!

هذا هو واقع المرشحين، أما من حيث الحكم الشرعي في هذه الانتخابات، فإنَّ الانتخاب لُغةً: الاختيار، ومن حيث واقعه: هو وكالة أو نيابة، فالانتخاب ليس غاية، بل وسيلة للكشف عمّن يريد الناس توكيله أو إنابته في أمر معين، والوكالة والنيابة في الإسلام تأخذ حكم ما جرت فيه، فإن كانت في حلال فهي حلال، وأما إن كانت النيابة والوكالة في محرم، فإنَّها تأخذ حكم التحريم.

وإذا نظرنا في واقع هذه الانتخابات، لوجدنا أنَّها تجري في ظل نظام رأسمالي ديمقراطي، يكون حقّ التشريع فيه للبشر من دون الله تعالى، وهذا من أكبر المحرمات كما دلَّت عليه النصوص الشرعية القطعية ثبوتاً ودلالة، ومنها قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أنهمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾، فضلاً عن سائر واجبات البرلمان من انتخاب رئيس للدولة لا يحكم بشرع الله عزَّ وجلَّ، وإعطاء الثقة للوزارة التي تحكم بغير ما أنزل الله تعالى، ومحاسبة الحاكم على أساس الدستور الوضعي، وغير ذلك، فهي وكالة فيما حرَّمه الله تعالى، فتحرُم المُشاركة فيها ترشيحاً وانتخاباً.

أيها المسلمون في العراق:

إنَّ منَّة الله تعالى بأن هدانا للإسلام تحتم علينا أن لا نتلبس بعمل حتى نعرضه على شرع الله سبحانه وتعالى، وأن لا نستقي حكماً من غير شرعه؛ لذا فإنَّ المُشاركة في هذه المعصية (الانتخابات)، يعدُّ انفصاماً في شخصية المسلم، فهو من جهة يحمل بين جنباته عقيدة الإسلام، ولكنه مع ذلك يرضى بأن يكون هؤلاء البرلمانيون مشرعين من دون الله تعالى!!

أيها المسلمون:

إن نجاتنا وخلاصنا، لن يكون بالتَّنصّل من أحكام الله وشرعته والتنازل عنها، وإنما يكون بالتمسك بها قلباً وقالباً، وأُولى خطوات ذلك تكون بالعمل الجاد الدؤوب مع المُخلصين من أبناء هذه الأمة لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة خلافة على منهاج النبوة، قال تعالى: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾، فتعود هذه الأمة لاقتعاد ذُرى المجد، والتأثير في الساحة الدولية، والاقتصاص من كل من آذى المسلمين، و﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ﴾.

 

20 جمادى الآخرة 1435هـ
 
حزب التحرير
 
2014/04/20م
 
ولاية العراق

 

 
 

آخر الإضافات