الأجوبة السياسية

الإخوة الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

لقد سرتني مواقفكم المضيئة وثباتكم على الحق دون أن تخشوا لومة لائم، مع أن المشاكل تحيط بكم وضعاف النفوس والذين في قلوبهم مرض من حولكم، وقد كنتم كما قال سبحانه: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.

 

الإخوة الكرام،

إننا نقتدي برسول الله ﷺ بحمل الدعوة في مراحلها الثلاث، وكما وقف في وجهه المشركون بقضهم وقضيضهم فكذلك يقف في وجهنا الحكام الطغاة ويؤازرهم في ذلك المنافقون والذين في قلوبهم مرض الذين تزيوا بزي الإسلام ظناً منهم أن الدائرة تدور لهم وليست عليهم طلباً من الطغاة بمكسب دنيوي أو غنيمة زائلة ﴿فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ﴾.

 

الإخوة الكرام،

إن صدعكم بالحق أذهل أعداء الإسلام والمسلمين، كيف وأنتم لا تحملون سلاحاً ولا تقودون جيشاً ومع ذلك رددتم كيدهم في نحرهم وجعلتم عاقبة أمرهم خسرا، فلفظهم الناس... ولم يدرك هؤلاء أن أهل الباطل مهما علوا سيسقطون في أوحالهم التي صنعوها بأيديهم... وكذلك لم يدركوا أن السيف وحده لا يجدي نفعاً إن لم يصاحبه وعي وبصيرة... فلو كان أصحاب الهيئة يعقلون وهم يشاهدون ما يجري من تطبيع الدول المحيطة بهم مع نظام طاغية الشام، لأدركوا أن عاقبة ذلك ستصيبهم بأمرين أحلاهما مر: الخضوع لطاغية الشام، أو ملاحقة النظام لهم بالشدة والعنف... وعليه فلو كانوا عقلاء لأحسنوا المعاملة مع الناس حولهم، وذلك ليؤازروهم ويعينوهم في تلك الأيام من بطش النظام، لا أن يحاكوا النظام في ملاحقة حملة الدعوة كما يفعل الطاغية، وعندها سيقعون في أوحال هم صنعوها... فيسوء حالهم في الدنيا قبل الآخرة ومن ثمَ يندمون ولات حين مندم.

 

 الإخوة الكرام،

إنكم لا شك تعلمون أن الدول الكافرة المستعمرة وعملاءها من الدول القائمة في بلاد المسلمين تعتقل شبابنا وتعذبهم ويستشهد بعضهم في سجون تلك الدول... ومع ذلك فلا تضعف عزائمنا في سبيل الله، وتلك الدول أشد من الهيئة قوة وأكثر جمعا... وذلك لأننا عباد لله نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم، ونؤمن بأن مفرج الكروب هو الله القوي العزيز، باعث عزنا وموهن كيد عدونا... ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً﴾.

 

أيها الإخوة،

- إن اشتداد الأزمة مؤذن بانفراجها... وإنا لنسأل الله سبحانه أن يخلف هذه الأزمات المتلاحقة الآخذ بعضها برقاب بعض، أن يخلفها فتح من الله ونصر قريب بإقامة الخلافة الراشدة، فإن مع العسر يسرين وليس يسراً واحدا:

 

- روى الحاكم في المستدرك (2/329) بسند صحيح، قال فيه الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي في التلخيص، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أنه بلغه أن أبا عبيدة حُصِرَ بالشام، وقد تألب عليه القوم، فكتب إليه عمر: سلام عليك، أما بعد: فإنه ما ينزل بعبد مؤمن من منزلة شدة إلا يجعل الله له بعدها فرجا، ولن يغلب عسر يسرين".

 

- وقال ابن القيم رحمه الله في كتابه بدائع الفوائد في (باب قاعدة جامعة في الابتداء): "قوله تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾ فالعسر - وإن تكرر مرتين - فتكرر بلفظ المعرفة، فهو واحد، واليسر تكرر بلفظ النكرة، فهو يسران، فالعسر محفوف بيسرين، يسر قبله، ويسر بعده، فلن يغلب عسر يسرين".

 

 

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

في السابع عشر من ذي القعدة 1444هـ                                              أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

الموافق 2023/6/6م                                                                                                                                                                                أمير حزب التحرير

آخر الإضافات