بيان صحفي
مغالطات سياسيّة يصرّح بها الرئيس
إثر مقاطعة الناس لمهزلة الانتخابات التشريعيّة
أعلنت الهيئة العليا للانتخابات أنّ نسبة الإقبال على التصويت في الدورة الثانية للانتخابات النيابية التي جرت الأحد 29 كاون الثاني/يناير 2023 بلغت 11.4% وفقاً للأرقام النهائية.
وقال الرئيس قيس سعيّد خلال لقائه مساء الاثنين برئيسة الحكومة نجلاء بودن في قصر الحكومة "نحو 90% تقريبا لم يشاركوا في التصويت لأن البرلمان لم يعد يعني شيئا بالنسبة لهم".
وتساءل "لماذا رفض التونسيون المشاركة في الانتخابات رغم تغيير طريقة الاقتراع"، قبل أن يجيب نفسه "لأن السنوات العشر الأخيرة جعلت البرلمان مؤسسة عبثت بالدولة، وما حصل في الدورتين الأولى والثانية للانتخابات البرلمانية هو رد فعل على ذلك".
وإنّنا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس، إزاء ما ورد من مغالطات سياسيّة أثناء تفسير الرئيس قيس سعيّد لعزوف أهل تونس عن الانتخابات التشريعيّة، نبيّن ما يلي:
أوّلا: من الواضح أنّ الرئيس قيس سعيّد يريد عبر هذا التصريح، أن يقول إنه لا مسؤوليّة له ولا لنظامه الرئاسي أو "البناء القاعدي" الذي يدعو إليه عن عزوف الناس عن الانتخابات، وإنما فقط العزوف يدخل في إطار كره النّاس للنّظام البرلماني.
والحقيقة هي أن أهل تونس قد كرهوا النظام الوضعي برمّته وطالبوا في ثورتهم بإسقاطه، وصاروا واعين على أن هذه الانتخابات لا يمكن أن تحقق التغيير، إنما هي أداة لتثبيت النظام، وأنها لا تأتي إلا بموظفين لدى الدوائر الغربية، وأن مقاطعتهم للاستفتاء على الدستور وعزوفهم اليوم عن المشاركة في الانتخابات التشريعية ليمثل صفعة قوية للاستعمار وأذنابه.
فالعزوف ليس عزوفا عن البرلمان فحسب، وإنما هو مقاطعة رسميّة من طرف الشعب التونسي للمنظومة برمّتها.
ثانيا: نؤكد فعلا أن الانتخابات في النظام الحالي، لا تؤدي إلا إلى إطالة عمر هذا النظام، ومسألة تغيير القانون الانتخابي التي يروّج لها الرئيس، أو مسألة التحول من نظام برلماني إلى نظام رئاسي، لن يُحدث أي تغيير حقيقي على الإطلاق، لأن جذور مشاكلنا هي الأنظمة العلمانية القائمة نفسها مهما تبدلت ألوانها وأشكالها، بغض النظر عن شخص الحاكم، فطالما بقيت هذه الأنظمة الفاشلة، فإن مشاكلنا ستبقى وتزداد سوءاً.
ثالثا: أمام عجز الطبقة السياسية حكاما ومعارضة، عن إيجاد معالجات للأزمات التي تعصف بتونس وأهلها، يتضح أن الرئيس قيس سعيد يسعى لاستقرار حكمه وليس حل مشاكل الناس، فمهزلة الانتخابات التشريعيّة هي استجابة منه للقوى الغربية للخروج من حالة الاستثناء بإنشاء برلمان جديد، يمكّنه من حفظ مصالح الغرب والسير قدما في تنفيذ تعهدات حكومته لصندوق النقد الدولي، ولا يضيره عندما تتأزم الأمور إقالة وزير أو اثنين أو حتى عشرة وزراء وتعيين غيرهم، فهم لا يملكون أصلا صلاحيات تنفيذية بمعزل عن توجهات النظام المنبطح لسياسات الدوائر الأجنبيّة الناهبة، فسياسة الاقتراض الربويّة لا تلبث أن تعود بأزمات أكبر من سابقاتها، يدفع ثمنها الناس من قوتهم وكرامتهم وحياة أبنائهم، طالما أن الحلول سرابيّة خادعة لا توجه إلى أصل المشكلة.
رابعا: في ظل النظام السياسي الإسلامي (الخلافة) والتي ستحدث تغييراً حقيقياً للناس:
- ستكون الانتخابات عادلة وذات مغزى. ففي ظل دولة الخلافة يكون الحكم لله؛ لذلك، لن يكون هناك مجال للتشريع لصالح أي جهة منتفعة، ناهيك عن الاستعمار وعملائه.
- على عكس الديمقراطية، تقع السلطة على عاتق الأشخاص القادرين حقاً على التعبير عن إرادة ناخبيهم وتمثيلهم عن طريق الانتخابات.
- يمتلك الناس سلطة الحكم في الخلافة ويبايعون الحاكم على الحكم وفقاً للشريعة الإسلامية.
- تأمر الشريعة بشكل واضح بتفويض الناس لاختيار الحاكم عبر عملية انتخابية.
- يمكن لقاضي المظالم عزل أي حاكم إذا ثبت له ظلمه أو مخالفته للدستور، وهو مخول بالاستماع إلى أية شكوى يرفعها الناس ضد أي شخص من جهاز الدولة، بغض النظر عن عرقهم أو دينهم.
وهكذا ستحقق الانتخابات والعملية الانتخابية في ظل نظام الخلافة العدل والاستقرار والانسجام في المجتمع.
يقول الله عز وجل: ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية تونس