بين المهلة والمهلة كيان يهود يبتلع الأرض ويفرض الوقائع!
الخبر:
صرح رئيس السلطة محمود عباس في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقول "حتى لا تبقىَ مبادرتُنا هذهِ دونَ سقفٍ زمني، نَقولُ إنَّ أمامَ سلطاتِ الاحتلالِ (الإسرائيليِ) عامٌ واحدٌ لتنسحبَ من الأراضيِ الفلسطينيةِ المحتلةِ منذُ العام 1967، بما فيها القدسُ الشرقية، ونحنُ على استعدادٍ للعملِ خلالَ هذا العامِ على ترسيمِ الحدودِ وإنهاءِ جميعِ قضايا الوضعِ النهائيِ تحتَ رعايةِ اللجنةِ الرباعيةِ الدولية، وفقَ قراراتِ الشرعية الدولية. وفي حالِ عدمِ تحقيق ذلِك، فلماذا يبقى الاعترافُ بـ(إسرائيل) قائماً على أساسِ حدودِ العامِ 1967؟ لماذا يبقى هذا الاعتراف؟".
وقبل ذلك كان قد صرح بالقول "وفي حالِ مواصلةِ سلطاتِ الاحتلالِ (الإسرائيليِ) تكريسَ واقعِ الدولةِ العنصريةِ الواحدة، كما يَجري اليوم، فإنَّ شعبَنا الفلسطيني، والعالمَ بأسرِه، لنْ يقبلَ بذلك، وسَتفرِضُ المعطياتُ والتطوراتُ على الأرضِ الحقوقَ السياسيةَ الكاملةَ والمتساويةَ للجميع على أرض فلسطين التاريخية، في دولةٍ واحدة. وفي كلِ الأحوال، على (إسرائيل) أن تختار. هذه هي الخيارات أمامها، وعليها أن تختار". (وكالة معا 2022/9/23)
التعليق:
على غرار العادة عباس يبتلع تهديداته التي أعلن عنها مسبقاً ويعطي يهود مهلة جديدة، وذلك رغم أنه قال خلال كلمته إنه لم تبق أرض لتقام عليها دولة! وتكلم بإسهاب عن عبثية قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن في إلزام كيان يهود بمشروع الدولتين، وهاجم الازدواجية الدولية في التعامل مع القضية والانحياز إلى كيان يهود وأن أمريكا لا تبذل جهدها في وقف إجراءاته وإلزامه بقرارات الأمم المتحدة،... فإن كان الحال كذلك؛ دول كبرى منحازة، ومؤسسات دولية خاضعة لسياساتها، وقانون دولي مجمد عندما يتعلق الأمر بكيان غاصب لا يريد السلام والمفاوضات فلماذا إذاً المهلة؟!
إن رئيس السلطة الذي كان ظاهراً على خطابه الضعف والاستجداء والترجي، وظاهراً على ملامح وجهه اليأس لا يريد الإقدام على خطوات قد تؤثر على سلطته التي تعتبر الإنجاز الوحيد بعد فشل الإنجاز السياسي بإقامة الدولة! ذلك الإنجاز المشوه للمنظمة ورجالاتها والذي لم يجلب للقضية سوى الذل والهوان وخدمة المحتل، ولكن عباس ورجالات المنظمة والسلطة لا يفرطون به، لأنه يحفظ مصالحهم ومناصبهم وامتيازاتهم ومكتسباتهم، فكان المهرب من انتهاء المهلة مهلة جديدة!
وحتى في حال وصل مشروع الدولتين إلى طريق مسدود كما هو حاصل الآن، فإن الحل يكمن وفق تصريحات رئيس السلطة في مشروع الدولة الواحدة! وكأن قدر هذه القضية ألا تحل إلا وفق مشاريع الغرب الكافر! وما هذا الحال إلا لعقدة النقص والعمالة التي أصابت المنظمة ورجالاتها، فلا يرون أنفسهم قادرين على التفكير والبحث خارج الصندوق الغربي وحلوله التي لا يقبلها شعب حر فكيف بأمة صاحبة مبدأ؟! وهذا حال كل التابعين والعملاء؛ لا يرون إلا وفق منظور أسيادهم، ولكن على النقيض من ذلك من يستند إلى عقيدته وأمته وعمقه وتاريخه يرى حلاً آخر، وهو الحل الشرعي والطبيعي والمنطقي والسياسي والعسكري؛ أرض محتلة يجب أن تحرر من الاحتلال والعمل يكون على تحقيق ذلك!
إن حال عباس اليوم ومعه السلطة والمنظمة وبعد عقود من العمل خدمة للدول الكبرى حال من تطفل على قضية عظيمة وأراد أن يظهر بحجمها حتى استيقظ على حجمه الحقيقي فبات يندب ويبكي ندب النساء وبكاء الجبناء. فعلى كل المتطفلين على القضية أن يعلموا أن هذه القضية كانت منذ اليوم الأول قضية عظيمة تلفظ كل خائن ومتآمر ومساوم، وهي قضية لا تحل بالاستجداء والترجي والتزلف للدول الكبرى ومؤسساتها ومنظماتها؛ فهي التي أوجدت الاحتلال وهي من تغذيه وتحميه مباشرة أو من خلال عملائها، بل بالبحث عن عمقها ورجالها والأمة التي تمثلها والقوة القادرة على تحريرها والقيادة السياسية المؤهلة لقيادة الأمة والتي تعلم كيف يكون الخطاب وآلية تنفيذه، وعندها يسبق الفعلُ القولَ وتحرر الأرض، ولذلك كان العمل فقط مع الأمة الإسلامية وبها لتحرير هذه البلاد واقتلاع كيان يهود من جذوره. ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيباً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. إبراهيم التميمي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في الأرض المباركة (فلسطين)