خبر وتعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أقيموها يا أهل السودان لن تراعوا

 

 

 

الخبر:

 

روّعت الخرطوم بجريمة اختطاف وإيذاء جسدي لابنة مسؤول رفيع بلجنة تفكيك نظام الرئيس المخلوع البشير. (العربية نت)

 

التعليق:

 

إن حالة انعدام الأمن قد عمت كل السودان وأصبحت حديث الناس وشغلهم الشاغل في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الإلكتروني، وذلك لخطورة الوضع الأمني الذي أصبح لا يُحتمل، وقد كثرت الجرائم حتى اعتاد الناس على أن لا تشرق شمس الصباح عليهم إلا بالأخبار التي توجع قلوبهم، ولا تغرب إلا بمثلها، جرائم متنوعة؛ مخدرات واحتيال وسرقة ونهب وسلب واغتصاب وقتل للأنفس بغير حق...

 

في هذه الأيام قلّما تجد منطقة آمنة مطمئنة لا يمسها سوء من اللصوص وقطاع الطرق (تسعة طويلة) أصحاب الدراجات النارية الذين يقطعون الطريق في وضح النهار، وهم غالباً ما يتبعون للقوات النظامية وبعضهم يحمل الأسلحة نارية، وقد تم ضبط العديد منهم متلبسين بالجريمة يروعون النساء وأطفال المدارس وغيرهم، لكن من أمن العقاب أساء الأدب، فالحكومة غير جادة في محاسبتهم.

 

وكذلك تعد الحركات المسلحة أكبر مهدد أمني في السودان، فقد ظلت تمارس السلب والنهب في أطراف البلاد تنهب وتسلب رعاة الماشية وغيرهم إلى أن تم توقيع اتفاق سلام جوبا الذي أتاح لها فرصة الاستيطان في قلب العاصمة، من أجل إتمام عملية الترتيبات الأمنية، ولكن لم يتغير طبعهم فظلوا يمارسون السلب والنهب والاستيلاء على أراضي الناس العزل، على مسمع ومرأى من الجهات المسؤولة التي لا توجد حلولاً ملموسة ولا تحرك ساكنا ما دام كرسي الحكم آمناً.

 

إن قضية الأمن هي من القضايا المهمة بل من الحاجات الأساسية التي يجب على الدولة أن توفرها لرعاياها، فعن سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مِحْصَنٍ الخَطْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِناً فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا» رواه البخاري.

 

كانت الجزيرة العربية قبل مجيء الإسلام في شر حال يصفه قول الشاعر: "ونشرَب إنْ وردْنَا الماءَ صفواً ويشربُ غيرُنا كدراً وطينَا"، فلما اعتنق أهلها الإسلام، وأقام الرسول الله ﷺ الدولة الإسلامية صاروا في خير حال، فقد سادوا الأمم، وأصبحوا خير أمة أخرجت للناس.

 

لقد كان الرسول ﷺ رجل الدولة الأول الذي يرعى شؤون أمته يحافظ على الأمن والسلامة والطمأنينة في دولته، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا» وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: "لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْراً. أَوْ: إِنَّهُ لَبَحْرٌ"

 

وفي عهد الخليفة أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه ظلّ الاهتمام بانتشار الطمأنينة واستتباب الأمن قائماً، وكذلك في عهد من جاء بعده من الخلفاء الراشدين، وقد استنّ عمر بن الخطاب نظاماً أسماه العسس، وكان أول من عسّ بنفسه، فقد كان يرتاد بيوت المسلمين في الليل بعد أن يستأذنهم، فيتفقد أحوال رعيته، وفي النهار يطوف في الأسواق ليتأكد من استتباب الأمن، فأصبح الوضع كما وصفه الحبيب المصطفى ﷺ: «يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللهَ وَالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ» رواه البخاري.

 

يا أهل السودان: إن الحصن الذي يقيكم من الفتن والمصائب التي حلت بكم هو دولة الخلافة الراشدة تعيشون في كنفها برضا من الله في أمن وأمان، فأقيموها لن تُراعوا.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الصادق علي موسى

آخر الإضافات