سياسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

جيش المسلمين الرجل منه بألف فارس

وقادته يفعلون ولا يدينون ولا يستنكرون

 

استدعت الخارجية السودانية سفيرها في إثيوبيا للتشاور، كما استدعت السفير الإثيوبي في الخرطوم للاحتجاج على ما قام به الجيش الإثيوبي من إعدام لـ7 جنود ومدني سوداني. (العربية ٢٧ حزيران/يونيو ٢٠٢٢م)

 

لقد كان بيان وزارة خارجية السودان ضعيفا هزيلا، حيث جاء فيه: "تدين وزارة الخارجية السودانية بأشد العبارات ما أقدم عليه الجيش الأثيوبي من جريمة نكراء تجافي مبادئ القانون الإنساني الدولي بقتله سبعة أسرى من الجنود السودانيين ومواطن مدني بعد اختطافهم من داخل الأراضي السودانية بتاريخ 22 حزيران/يونيو 2022م واقتيادهم إلى داخل الأراضي الأثيوبية وقتلهم والتمثيل بجثثهم على الملأ". وأضاف البيان: "وإذ تشجب وزارة الخارجية هذا السلوك غير الإنساني تود أن تذكر بأن السودان يستضيف أكثر من مليوني مواطن أثيوبي ينعمون بمعاملة كريمة ويتقاسمون مع الشعب السوداني موارده ولقمة عيشه في كرم وتسامح". وأضاف: "حفاظاً من وزارة الخارجية على سيادة بلادنا وكرامة مواطنيها شرعت الوزارة في تقديم شكوى رسمية لمجلس الأمن والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة. كما تود وزارة الخارجية أن تذكر بأن حكومة السودان تحتفظ بكامل الحق الذي يكفله ميثاق الأمم المتحدة في الدفاع عن أراضيه وكرامة إنسانه".

 

فهل الشجب والإدانة والتنديد والشكوى لمجلس الأمن والمنظمات الدولية هو الحل لتعدي إثيوبيا ومليشياتها المتكرر على حدود السودان الشرقية؟!

 

تثير الهجمات الإثيوبية المتكررة على حدود السودان الشرقية العديد من التساؤلات حول توقيتها ودوافعها وأهدافها. ولعل ما يثير التساؤل أكثر، فضلاً عن الاستهجان، هو طبيعة الردود الكلامية التي صدرت في بيان القوات المسلحة التي تعتبر حامية البلد وصاحبة المسؤولية الأولى تجاه الذين قتلوا ومُثّل بجثثهم، والاكتفاء بالشجب والإدانة والتعويل على مجلس الأمن وعلى القوانين الدولية التي لم توقف انتهاك إثيوبيا لها في موضوع سد النهضه الكارثي حسب محللين دوليين، هذا السد الذي ربما يروح ضحيته كلُّ السودان في طوفان لم يسبق له مثيل، ومع ذلك لم يحرك مجلس الأمن الدولي ساكنا وهو يرى عدم التزام إثيوبيا باتفاقها مع بريطانيا، باعتباره وكيلاً عن القاهرة والخرطوم، حيث وقع الإمبراطور ملنيك الثاني على اقتطاع إقليم بني شنقول لصالح إثيوبيا، مقابل عدم إنشاء أي سدود على نهر النيل.

 

وتتوالى الهجمات والانتهاكات الإثيوبية إلا أن النظام في السودان لم يقم بالرد المناسب رغم كثرة الهجمات والانتهاكات! وتبدي حكومة السودان عجزها عن القيام بأي فعل يردع إثيوبيا، وتكتفي في كل مرة بإصدار بيانات عنترية ثورية! لكن ما يفسر عدم رد النظام على كل تلك الاعتداءات، القديمة والجديدة، هو أنها لم تكن تستهدف النظام وتركيبته، وليس المقصود منها إسقاط النظام أو العمل على ذلك، لأن المهام بالنسبة للجيش اليوم تبدلت ولم تعد الحفاظ على أمن الناس كما أقسم الجنود، ولا السيادة الوطنية كما يدعون، بل هي المحافظة على النظام، الأمر الذي تفسره الانتهاكات المتكررة على المتظاهرين والقتل بلا رحمة.

 

يترافق عجز النظام عن الرد على الاعتداءات الإثيوبية، مع القدرة على ذلك، بحسرات وغصّات لدى غالبية أهل السودان، إذ فضلاً عن الشعور بالإحباط من عدم القدرة على الرد، ينتاب الناس إحساس بالذل والمهانة، وبأن الأموال (إذ إن أكثر من٧٠٪ من الميزانية تتجه للجيش في عهد البشير وما زالت)، التي دفعوها من قوتهم اليومي، من أجل دعم جيشهم الوطني وتسليحه، للدفاع عنهم، لم تذهب إلى هذا الهدف المنشود، فأي ذل نعيشه في هذا الزمان؟!

 

(أرسل قائد جيوش المسلمين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه سبعة رجال لمعرف أخبار الفرس وأمرهم أن يأسروا رجلا منهم إن استطاعوا، وبمجرد خروج السبعة رجال تفاجأوا بجيش الفرس أمامهم، وكانوا يظنون أنه بعيد عنهم. فقالوا نعود، إلا رجلا منهم رفض العودة إلا بعد أن يتم المهمة التي كلفه بها سعد، وبالفعل عاد الستة رجال إلى جيش المسلمين، اتجه بطلنا ليقتحم جيش الفرس وحده، فالتف حول الجيش وتخير الأماكن التي فيها مستنقعات مياه وبدأ يمر منها حتى تجاوز مقدمة الجيش الفارسي المكونة من 40 ألف مقاتل، ثم تجاوز قلب الجيش حتى وصل إلى خيمة بيضاء كبيرة أمامها خيل من أفضل الخيول، فعلم أن هذه خيمة رستم قائد الفرس.

 

فانتظر مكانه حتى الليل، وعندما جن الليل ذهب إلى الخيمة، وضرب بسيفه حبالها، فوقعت على رستم ومن معه بداخلها، ثم قطع رباط الخيل معه وجرى. وكان يقصد من ذلك أن يهين الفرس، ويلقي الرعب في قلوبهم وعندما هرب بالخيل تبعه الفرسان. فكان كلما اقتربوا منه أسرع، وكلما ابتعد عنهم تباطأ حتى يلحقوا به لأنه يريد أن يستدرج أحدهم ويذهب به إلى سعد كما أمره فلم يستطع اللحاق به إلا ثلاثة فرسان. فقتل اثنين منهم وأسر الثالث.

 

كل هذا فعله وحده، فأمسك بالأسير ووضع الرمح في ظهره وجعله يجري أمامه حتى وصل به إلى معسكر المسلمين. وأدخله على سعد بن أبي وقاص. فقال الفارسي: أمّني على دمي وأصدقك القول. فقال له سعد: الأمان لك ونحن قوم صدق ولكن بشرط ألا تكذب علينا. ثم قال سعد: أخبرنا عن جيشك. فقال الفارسي في ذهول: قبل أن أخبركم عن جيشي أخبركم عن رجلكم. فقال: إن هذا الرجل ما رأينا مثله قط، لقد دخلت حروبا منذ نعومة أظافري، رجل تجاوز معسكرين لا يتجاوزهما جيوش، ثم قطع خيمة القائد وأخذ فرسه، وتبعه الفرسان منهم ثلاثة: قتل الأول ونعدله عندنا بألف فارس، وقتل الثاني ونعدله بألف، والاثنان أبناء عمي، فتابعته وأنا في صدري الثأر للاثنين اللذين قتلا، ولا أعلم أحدا في فارس في قوتي، فرأيت الموت فاستأسرت (أي طلبت الأسر)، فإن كان مَن عندكم مثله فلا هزيمة لكم!! ثم أسلم ذلك الفارسي بعد ذلك...). أتعلمون من البطل الذي أذهل الفرس واخترق جيوشهم وأهان قائدهم إنه فارس بألف فارس لشجاعته وشدته، إنه البطل طليحة بن خويلد الأسدي رحمه الله.

 

هكذا كان جيش المسلمين في ظل دولة الخلافة على منهاج النبوة؛ الرجل منهم بجيش، أما اليوم فجيشنا يسوقه قادته إلى المحرقة، ثم يدينون ويستنكرون، ويدّعون الفعل ولا يفعلون، قاتلهم الله أنى يؤفكون!

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان

 

#بالخلافة_نقتلع_نفوذ_الكافر

 

آخر الإضافات