رداً على الاحتجاجات المناهضة للحجاب في إيران
(مترجم)
فيما يلي بعض النقاط المهمة فيما يتعلق بالأحداث الجارية في إيران بعد وفاة مهسا أميني البالغة من العمر 22 عاماً والتي ورد أنها قُتلت أثناء احتجازها في عهدة شرطة النظام، بسبب عدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح.
1. ضربُ مهسا أميني حتى الموت هو خطأ جسيم حسب الإسلام الذي يحرم أي شكل من أشكال التعذيب. وهذا واضح في نصوص الإسلام. قال النبي ﷺ: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا».
2. هناك الكثير من العلمانيين الذين يستغلون الأحداث في إيران ليلقوا مرة أخرى مزاعمهم الاستشراقية وأكاذيبهم ضد الحجاب وأحكام النظام الاجتماعي في الإسلام، متهمين زوراً الإسلام باضطهاد المرأة. على سبيل المثال، كان هذا اقتباساً من مقال للصحفية جانيس تورنر في موقع تايمز البريطاني يوم 23 أيلول/سبتمبر، تحت عنوان "إذا سقط الحجاب، فإن النظام الإيراني القاسي سيتبعه": "الحجاب ليس مجرد رمز للباس، إنه أداة تحكم مصممة لتخويف وتقسيم أمة بأكملها". إن الادعاء السخيف الأساسي هو أن الزي الإسلامي يساعد على تسهيل استمرار حكم الأنظمة القمعية كما هو الحال في إيران. مثل هذه الاتهامات، التي ولدت من رؤية معادية للإسلام وجاهلة ومتمحورة حول أوروبا للعالم والثقافات الأخرى، يجب الرد عليها بقوة.
3. إن فكرة اهتمام النظام الإيراني بتطبيق الشرائع الإسلامية وحمايتها هي فكرة هزلية لأن هذا النظام ساعد الجزار الأسد على ذبح عشرات الآلاف من المسلمين الأبرياء في سوريا وكان له يد في قتل المسلمين الأبرياء في سوريا والعراق واليمن. كما قتل مسلمين أفغاناً كانوا يحاولون عبور حدوده بحثاً عن حياة أفضل.
https://www.hizb-ut-tahrir.info/en/index.php/press-releases/afghanistan/19439.html. قال النبي ﷺ: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.
4. هناك من يحاول تصوير المشكلة التي تواجه المرأة في إيران على أنها مشكلة تتعلق بتطبيق الحجاب وغيره من أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام وانعدام المساواة بين الجنسين، بينما المشكلة الحقيقية في إيران هي وجود نظام ديني يحكم حسب أهواء رجال الدين وليس الكتاب والسنة. وأي نظام تحكمه أهواء البشر - ديمقراطيات أو ديكتاتوريات - سيؤدي إلى اضطهاد الناس وحرمانهم من حقوقهم. قال الله تعالى: ﴿وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾.
5. من المفهوم أن الناس غاضبون من أعمال النظام الإيراني القمعية والسلطوية. لكن لماذا تحرق بعض النساء المسلمات في هذه الاحتجاجات حجابهن ويرقصن في الأماكن العامة يعبرن عن غضبهن وعصيانهن لأوامر الله سبحانه وتعالى؟! إن ستر كامل جسد المرأة ما عدا اليدين والوجه في حضرة الرجال غير المحارم هو فرض شرعي واضح في القرآن والسنة، وليس إملاء من النظام الإيراني أو أي نظام آخر. يقول الله تعالى: ﴿وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء﴾. وقال النبي ﷺ: «إِنَّ الْجَارِيَةَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلا وَجْهُهَا وَيَدَاهَا إِلَى الْمَفْصِل». رواه أبو داود.
6. هناك من يحاول تصوير إيران على أنها نموذج لما ستكون عليه حياة النساء في ظل الحكم الإسلامي، في حين إن النظام الديني - الرئاسي - البرلماني - السياسي في إيران، مع ما يسمى بـ"المرشد الأعلى" يقوده رجال دين لا أساس لهم في النصوص الشرعية. بل إن النموذج الإسلامي للحكم كما حدده القرآن والسنة بوضوح هو الخلافة على منهاج النبوة، والتي لها قائد منتخب يكون مسؤولاً أمام الناس ويحكم بالقرآن الكريم والسنة بدلاً من إملاءات رجال الدين.
7. إن النظام الإيراني هو قيادة استبدادية تجب إزالتها، كما هو الحال مع جميع الأنظمة غير الإسلامية والديكتاتورية الحالية في بلاد المسلمين. ومع ذلك، فإن المتظاهرين الذين يطالبون بمستقبل ليبرالي للبلاد، اعتقاداً منهم أن هذا سيحقق مستقبلاً أفضل للنساء في الأرض، هم مضللون بشكل كبير. نرى الدول الليبرالية في الغرب وفي أماكن أخرى تتدهور من أزمة إلى أخرى ومع مشاكل اجتماعية وأخلاقية ضخمة. وهذا يشمل وباء العنف ضد المرأة وكذلك تسونامي الأسر المفككة. حيث تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء في الاتحاد الأوروبي للعنف، بينما تعرضت واحدة من كل اثنتين للتحرش الجنسي (المفوضية الأوروبية). في فرنسا، تُقتل امرأة كل ثلاثة أيام على يد شريك حالي أو سابق (الجارديان 2019)، بينما في الولايات المتحدة تُقتل ما يقرب من 3 نساء يومياً بسبب العنف المنزلي (مكتب العدل). كل هذا نتيجة القيم الليبرالية مثل الحريات الشخصية والجنسية، التي تشجع الرجال على التصرف وفقاً لأهوائهم ورغباتهم الفردية. كما أنه ناتج عن عدم وجود قواعد اجتماعية واضحة لتنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة وتحديد حقوقهما ومسؤولياتهما في الحياة الأسرية والمجتمع بحيث تنشأ علاقة كريمة ومحترمة بين الجنسين على أساس التعاون الصحي. هذا هو التعاون الصحي بين الرجل والمرأة في المجتمع الذي تهدف أحكام النظام الاجتماعي في الإسلام، والحجاب جزء منها، إلى تحقيقه.
8. إن السبيل الوحيد لبناء مستقبل أكثر إشراقاً للمرأة وغيرها في إيران والبلاد الإسلامية هو التطبيق الكامل والصحيح للإسلام في ظل الخلافة على منهاج النبوة. أي شخص يدرس هذا النظام بطريقة موضوعية، وخالية من الأساطير والأكاذيب الاستعمارية، سوف يدرك أن لديه نهجاً موثوقاً ومُجرَّباً على مر الزمن لترسيخ احترام المرأة في المجتمع، وحمايتها من العنف، وضمان كل ما وهبها الله سبحانه من الحقوق السياسية والاقتصادية والتعليمية والقانونية والاجتماعية. وهذه حقوق لا يجوز لمن يحكمها أن يتخلى عنها لأن الله تعالى حددها وبالتالي فهي غير قابلة للتفاوض. هذا على عكس الدول العلمانية، مثل فرنسا والدنمارك وبلجيكا وهولندا، التي سلبت النساء والفتيات المسلمات حقوقهن التعليمية والاقتصادية وغيرها من خلال حظر الحجاب والنقاب. بوصفنا مسلمين، يجب أن ندرك أنه لا يمكن أن يكون هناك أي نجاح في هذه الحياة الدنيا أو في الآخرة، إلا من خلال تبني أحكام ونظام خالقنا الله سبحانه وتعالى الحكيم العليم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. نسرين نواز
مديرة القسم النسائي في المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير