إيغي أزاليا وابن سلمان يتحدون الخالق في العاصمة المؤقتة لبلاد الحرمين!
"ربما كان أسوا مكان يتمزق فيه سروالي لكن للأسف لم يتم السماح لي باستكمال العرض حتى نهايته". (صفحة إنستغرام لإيغي أزاليا، 2023/08/26).
قامت المغنية إيغي أزاليا يوم الجمعة 9 صفر 1445هـ الموافق 2023/8/25م بعرض غنائي لها في الرياض. ولم يكن لملابسها الضيقة التي لا تستر إلا لون الجلد ولا تحديها للخالق اللفظي ولا تأليهها للمرأة ومطالبتها الحضور بالسجود للأنثى دور في إيقاف حفلتها. بل علقت هذه الملعونة على صفحتها عبر إنستغرام أن سبب عدم استكمالها للعرض حتى نهايته كان جراء تمزق جزء من ثيابها أثناء العرض. وكأن ابن سلمان يريد أن يقول باستقباله أمثال هذه النماذج من المغنيات الفاجرات الكافرات الملحدات أن بلاد الحرمين "تغيرت". كأنه يريد أن يؤكد أن رؤية 2030 الرأسمالية التي تبناها لا مكان فيها للإسلام والمسلمين، أي أن بلاد الحرمين لم تعد للإسلام ولا للمسلمين. نعم إن ابن سلمان يرى في أمثال هذه المغنيات اللاتي تركن المدرسة مبكرا ولم يستكملن تحصيلهن الدراسي بسبب احتقارهن للعلم، يرى فيهن موهبة إثارة عرض أجسامهن. إن ابن سلمان يظن أن الأمة الإسلامية كسائر الأمم، أي يظنها كالنصارى الذين حرفوا دينهم وتعايشوا مع العلمانية. لقد أخطأ في حساباته لأن الأمة الإسلامية لم تعتنق دينها عن طريق الوجدان فقط بل أساس عقيدتها عقلي، وهذا أهم ما يميز مبدأ الإسلام عن سائر الأديان، عدا عن أن الدين الذي أنزله الله تعالى قبل بعثة النبي محمد ﷺ تم تحريفه بحيث لم يبق على صيغته التي نزل بها، بخلاف دين الإسلام المنزل على سيدنا محمد ﷺ الباقي إلى قيام الساعة.
يستطيع ابن سلمان من خلال موقعه في الحكم افتتان الكثيرين، نعم. يستطيع أن يغش الناس لكن ليس كل الناس، نعم. يستطيع أن يعين الشيطان على جلب المزيد من الأتباع، لكن لن يستطيع أن يقترب من دائرة الإيمان للخلّص من عباد الله. فسعيه في ذلك يشبه حلم إبليس بالجنة مصداقا لقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ [الحجر: 42]
وهذا الخبر الغيبي من السماء تؤكده الوقائع الحالية والتاريخية. فقد بقيت فئة من الأمة الإسلامية رغم إمكانياتها المحدودة تؤرق الظالمين أمثال ابن سلمان في نومهم وترحالهم عبر تاريخ الأمة الإسلامية الممتد عبر 1400 سنة. لكن ما الذي جعل ابن سلمان يتمادى في غيه ولا يحسب للأمة الإسلامية حسابا ويأتي بأشخاص يتحدون الخالق عز وجل أمام أعين الناس ويقولون بعبادة المرأة إن لم نقل بتمكين المرأة؟! ما الذي جرأه لاستضافة وتكريم أمثال هذه الحقيرة التي تفوهت بألفاظ وجمل كفرية نترفع عن ذكرها ولو مترجما من الإنجليزية إلى العربية؟
للإضاءة على هذه المسألة تجدر الإشارة إلى جواب سؤال أصدره حزب التحرير في 6 ربيع الآخر سنة 1383هـ الموافق 1963/8/25م، أقتبس منه بخصوص سعي الحكومات قديما وحديثا في منع الناس من التعرض للحكام في الأماكن العامة ما يلي: "فعدم عنايتها بمنع الأفكار والآراء والأخبار في الأمكنة الخاصة معناه أن الحكومات طريقتها في مقاومة الأفكار من أن تصبح رأياً عاماً هي أن تمنع التحدث بالأفكار والآراء والأخبار في الأمكنة العامة. وهذا أيضاً يشاهَد في السيرة النبوية، فإن قريشاً كانت حريصة على منع الرسول عليه الصلاة والسلام من التحدث في الأمكنة العامة، فكانوا أولاً يأتون بمن يجلس ليحدّث الناس ضد حديثه ثم أخذوا ينالونه بالأذى ليمنعوه من أن يحدّث الناس في الأمكنة العامة، وكانوا يمنعون أبا بكر من أن يصلي في مسجده الذي بناه في باب بيته ويطلبون إليه أن يصلي في بيته. ومن هذا كله يتبين أن طريقة منع الأفكار التي سلكها الحكام في كل زمان ومكان هي منع التحدث في الأمكنة العامة، وهذا يدل على أن التحدث إلى الناس في الأمكنة العامة هو الذي يؤثر ويوجِد الرأي العام. وعليه فإن الرأي العام إنما يتكون من التحدث إلى الناس في الأمكنة العامة. وبناء على هذا فإن كيفية إيجاد الرأي العام هو التحدث إلى الناس في الأمكنة العامة. غير أن الأمكنة العامة قد يكون فيها الحديث مع شخص أو أشخاص حديثاً خاصاً كأن يتحدث إلى أشخاص في مقهى على طاولة منفردة، وهذا وضع ليس من شأنه أن يسمح لمن في المقهى أن يأتوا إلى الطاولة أو يسمعوا الحديث أو أن يتحدث إلى مريض في مستشفى حديثاً خاصاً، ولهذا فإن مثل هذا الحديث إلى الناس ليس مما يتكون به الرأي العام، فلا بد أن يكون التحدث جهراً بحيث يتأتى سماع الحديث لكل من يريد سماعه. وأيضاً فقد يتحدث في الطريق أو المسجد أو في المقهى حديثاً لمن يريد سماعه أن يسمعه ولكنه يعطي أفكاراً عامة ويحاول إخفاء ما يريد، فهذا ليس مما يتكون به رأي عام لأنه قد لا يدركه من يسمعه لو أراد سماعه، فلا يتأتى أن ينقله إلى غيره، ولذلك لا بد أن يكون الحديث صريحاً واضحاً. وأيضاً قد يتحدث حديثاً صريحاً واضحاً ولكنه حين يشاهد عيناً من عيون الحكومة يسكت أو حين يصل إلى بحث يعرف أن السامع لا يوافق عليه يتحفظ في الحديث، فهذا لا يشكل رأياً عاماً، بل لا بد أن يكون الحديث ليس فيه تحفظ حتى تعطى الفكرة كاملة كما هي فتُنقل مجملة أو مفصلة كما هي، ولذلك لا يصح أن يكون هناك أي تحفظ في الحديث، وعلى ذلك فإن كيفية إيجاد الرأي العام هي التحدث جهراً إلى الناس في الأمكنة العامة حديثاً صريحاً ليس فيه تحفظ".
والحديث بهذا الشكل ودون تحفظ يعتبر "اتصالاً جماهيرياً" وهو ما نفتقده كمسلمين اليوم لإنكار المنكر على الوجه المطلوب شرعا ولو لم يتم على إثره إزالة المنكر بالكلية. فالاتصال الجماهيري يجعل الحكام يحسبون للأمة حسابا أكبر من الحساب الذي يحسبونه للأمة حاليا. وكلما نضجت الأعمال والجهود في "الاتصال الجماهيري" كانت الأمة أقرب لاستعادة سلطانها المغتصب.
إننا كما نطالب المسلمين بالالتحاق بمشروع الخلافة التزاما بالحكم الشرعي، نطالبهم كذلك أن يبذلوا كل ما يلزم ذلك من تضحيات في زمن ظهر فيه الباطل مستخفا بالإيمان وأهله، أي في زمن تستحق التضحيات أن تبذل لقلب المعادلة الجارية بين الإيمان والكفر وبين الحق والباطل، لتكون كلمة الله هي العليا. نطالبهم بمشاركة إخوانهم بأعمال "الاتصال الجماهيري"، فيقولون "لا للباطل"، "لا لاستحلال الحرام"، "ديننا الإسلام وقائدنا محمد بن عبد الله وليس محمد بن سلمان" وغير ذلك من أساليب شتى ومشروعة في كافة الأماكن العامة ودون حساب لجهاز أمني أو غير ذلك. فتبدأ أول ثورة حقيقية على أساس الإسلام في بلاد الحرمين خصوصا، والجزيرة العربية عموما، على غير ما يتوقع عموم الناس، كما حصل في الشام عام 1433هـ الموافق 2011م، وذلك بالرغم من فائض الأموال التي يغتصبها حكام بلاد الخليج ويتحكمون بها محاولة منهم بها إسكات الناس، فيتم ضرب أول مسمار في نعوش الأنظمة الملكية التي أنشأتها بريطانيا بغية الحفاظ على مصالح الدول الغربية وتبنى قواعد إضافية لبناء دولة الخلافة الراشدة بناء متينا.
قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 250-251]
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
نزار جمال