إذا كان العقار لخدمة النّزوة، فلا مفرّ من البؤس
(مترجم)
الخبر:
قال أردوغان في اجتماع جماعي لحزبه "التقلبات في الأسواق العالمية مستمرة، وجميع الاقتصادات تتصارع مع مستويات تضخّم لم تشهدها منذ 40 عاما. يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى تعميق حالة عدم اليقين في سلسلة الإنتاج والإمداد. أدّى ارتفاع الأسعار في جميع مصادر الطاقة إلى تعطيل الموازين. نحن ندرك الزيادة في أسعار البذور ووقود الديزل والأسمدة لمزارعينا، نحن نتخذ الكثير من الاحتياطات، زيادة الإنتاج واستمراره على رأس أولوياتنا، أتمنى أن نتجنّب هذا الوضع من خلال البحث عن مصادر نفطية محلية".
التعليق:
لم تستطع أي من المجتمعات التي تعيش في ظلّ النظام الرأسمالي وحكمه، والتي لا تزال تسيطر على الأرض بأكملها اليوم، أن تختبر الرفاه الروحي والأخلاقي والإنساني والمادي ككل. فقط مجموعة معينة من الناس تسعى إلى السعادة من خلال فرض الهيمنة على الثروة المادية بطموح لا نهاية له بعيداً عن الأخلاق والإنسانية. بالطبع، هذا ليس خارج الطاولة في تركيا.
على الرّغم من أن أردوغان ينسب السبب الرئيسي للفقر والأزمة إلى التطورات التي تحدث على مستوى العالم، إلاّ أنّ الحقيقة ليست كذلك. على الرّغم من ازدياد التضخم وزيادة الأسعار عند مستوى معين على نطاق عالمي، فإن هذا الوضع باهظ للغاية بحيث لا يمكن تفسيره بأية بيانات إحصائية في تركيا. لدرجة أنه دعونا نذكّر أردوغان ومستشاريه، الذين قدموا مثالاً للدول الأوروبية في كل خطاب، أن التضخم هناك يتراوح بين 8 و9٪. مع كل أنواع الخداع يظهر التّضخم عند 73.5٪. في الواقع، لا توجد منتجات تقريباً لم يرتفع سعرها بأقل من 200٪ في العام الماضي. على الرّغم من ذلك، يظهر التضخم على أنه 73.5٪!
مرّةً أخرى، عندما ننظر إلى الطاقة على نطاق عالمي، كان سعر برميل النفط في حزيران/يونيو 2021 حوالي 72 دولاراً، بينما تبلغ الزيادة إلى 120 دولاراً حالياً حوالي 70٪. في بلدنا، صمدت الزيادة مقارنة بالعام الماضي بنسبة 300٪. بطبيعة الحال، لا تقتصر هذه الزيادات الباهظة في الأسعار على عنصر الطاقة فقط. مناخ متنوع، مع ثروة من الموارد المائية، والأراضي الزراعية الشاسعة، وأناس يتوقون بشدّة إلى الزراعة، في هذه الأرض يعيش ملايين الأشخاص تحت وطأة الفقر! وإذا لم تعد المنتجات الغذائية الأساسية متاحة، فلا يمكنك بعد الآن يا أردوغان أن تنسب ذلك إلى التطورات العالمية. من الواضح أن هذا يسمى عدم كفاية وقلة استبصار.
إنّ الحديث عن زيادة الإنتاج وعدم اتخاذ أية خطوات لازمة للمزارع ليزيد إنتاجه هو مجرد هراء. إن سعر وقود الديزل، الذي زاد بنسبة 300٪، والأسمدة، وأسعار الأدوية، التي ارتفعت بحوالي 400-500٪، يهدف مرةً أخرى إلى عدم زيادة الإنتاج.
نودّ أن نذكّر أردوغان بأنّ المياه تتدفق في جميع أنحاء البلاد، لكن المزارع لا يستطيع الري بسبب التكاليف. إن جبال البلاد وسهولها تزخر بالمياه، لكنك حكمت على الجميع بدفع المياه لأنها لم تكن صالحة للشرب. السدود مليئة بالمياه، لكنك تعتقد أنه من الذكاء بيعها للجمهور بأرباح عالية. أرضنا الزراعية لديها القدرة على إطعام الشرق الأوسط بأكمله، لكن التكلفة العالية والقلق من عدم القدرة على بيع المنتج بالسعر الذي يستحقه يجعل المزارع لا ينتجه. هناك الملايين من الشباب في القوى العاملة، لكنهم عاطلون عن العمل. هناك جميع أنواع الموارد الجوفية، ولكن تمّ تأجيرها لشخص ما. توجد محطات توليد الطاقة والموارد في جميع أنحاء البلاد، لكن بخصخصتها، تركت الناس تحت رحمة هذه الشركات. إذن ما سنقوله هو أنّه على الرّغم من أنّ النفط يتدفق بدلاً من الماء في هذا البلد اليوم، إلاّ أنه لن يكون حلاً سحرياً لأنه لن يكون كافياً لك أو للنّهمين الذين يعيشون حولك ما لم يتمّ اعتبار هذه الموارد مصدراً للجمهور ومحمياً.
لو كنت مخلصاً حقاً، لكنت شككت أولاً في النظام الرأسمالي، الذي هو سبب هذا الفقر. ولم تكن لتضع موارد الشعب والجمهور في مصلحة حفنة من المخالفين. ولن تسمح بإفقار الناس باسم نمو الشركات من حولك. وما كنت لتغفل عن كل الفساد والفجور والتبذير. ولن تمنح المرابين الضرائب التي جمعتها بالباطل من الناس. ولم تكن لتجرؤ على توزيع الربا تحت اسم الودائع المحمية بالعملة، والملاحظات المرتبطة بالدّخل إلى قاعدة الناس باسم ما يسمى بتصحيح الاقتصاد. نعم يا أردوغان، إنّ الشعب محكوم عليه بالفقر والبؤس لأنك تخليت عن كل شيء من أجل بعض التناسب. لمدة 20 عاماً، كنت تستخدم ممتلكاتك بطريقة خرافية. هذه بالفعل جريمة عظيمة.
سيشعر المسلمون بحلاوة كل ثروة معنوية وروحية وبشرية ومادية على أعلى مستوى في ظلّ الخلافة التي ستطبّق حكم الله في ملك الله. وسيكون هذا في أقرب وقت ممكن إن شاء الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أحمد سابا