عندما يكون مال الأمة في أيدي السفهاء!
الخبر:
أورد موقع سوداني بوست خبرا جاء فيه: دفعت مبادرة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو اليوم بصالة دينار الملكية بعدد 1000 شاشة إن بي سبورت في إطار تدشين أندية مشاهدة كأس العالم بالمجان وذلك في نسختها الـ٢٢ والتي تقام لأول مرة في دولة قطر، توزعت على ٢٠٠ نادي مشاهدة في مختلف مناطق البلاد المختلفة.
التعليق:
يتصرف هؤلاء الحكام الرويبضات في أموال الأمة وكأنها من ملكياتهم الفردية ورثوها عن آبائهم، فأصبحوا يبددونها بلا حسيب ولا رقيب! وطالما بقي أمثال هؤلاء هم الحكام والمتنفذين فلن يقف تضييع الأموال! فقد أوردت صحيفة اليوم التالي في 24/9/2022 خبراً عن تبرع حاكم إقليم دارفور مناوي بثلاثة آلاف خروف لضيوف كأس العالم في قطر، فهل قطر التي أنفقت 220 مليار دولار على تنظيم كأس العالم في حاجة إلى التبرع؟!
أما كان الأولى بهذه الخراف معسكرات اللاجئين في دارفور التي يحكمها والتي داهمتها المسغبة والجوع وسوء التغذية؟! فقد أوردت الإندبندنت في 31/5/2022: "تفاقمت خلال الأيام الأخيرة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها النازحون واللاجئون في المعسكرات، التي باتت بحسب منسقية النازحين واللاجئين بدارفور على وشك الدخول في مجاعة حقيقية، فبات الجوع الشديد يحاصرهم بعد أن تدهورت الأحوال المعيشية بصورة تضعهم في مواجهة الموت البطيء تضوراً، بخاصة كبار السن والعجزة إلى جانب الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء.
وحذر آدم رجال، المتحدث باسم المنسقية في تصريح لإندبندنت عربية من أن الجوع يداهم سكان المعسكرات الذين يعيشون أوضاعاً في غاية الصعوبة والبؤس، بعدما فاقم شح المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعارها الجنوني معاناتهم. وكشف رجال عن أن حالات سوء التغذية بلغت في معسكر واحد فقط، هو معسكر كلمة نحو 1175 حالة، بينما وصل عدد حالات سوء التغذية الحاد وسطهم إلى أكثر من 67 حالة محجوزة الآن في مراكز بعض منظمات التغذية، معظمهم من الفئات الضعيفة كالأطفال والمرضعات والحوامل. ولفت إلى أن معظم الأسر داخل معسكرات النزوح باتت تكتفي بوجبة واحدة لأفرادها في اليوم، بعدما قلصت المنظمات الداعمة الحصص التي كانت تقدمها من السلع والمواد الغذائية".
في هذه الظروف وأهل البلد في أشد الحاجة لهذه الأموال، ينفقها هؤلاء السفهاء في أمور أقل ما توصف بأنها تافهة، فلا ناقة ولا جمل فيها لأهل البلد الذين يعانون الأمرين، فهذه الأموال أولى بها بطون المسلمين، فعندما قيل لسيدنا عمر بن الخطاب ألا تكسو الكعبة بالحرير؟ والكعبة هي قبلة المسلمين، ولها مكانة مقدسة عندهم، أجابهم بأن هذه الأموال أولى بها بطون المسلمين، وكان رضي الله عنه يحلف ثلاثاً ويقول: "والله ما أحد أحق من هذا المال من أحد، وما أنا أحق به من أحد، ووالله لو بقيت لأوتينّ الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه" رواه أحمد في المسند.
وفي يوم شديد الحرارة، أطل عثمان بن عفان من دار له فرأى رجلاً يسوق أمامه بعيرين، فأشفق عليه، وأرسل غلامه يدعوه ليستظل حتى تذهب حرارة الشمس، ولما اقترب الرجل عرفه فإذا هو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، فقال له: "ما أخرجك هذه الساعة؟". قال: "بكران من إبل الصدقة تخلفا عن المرعى، وخشيت أن يضيعا، فيسألني الله عنهما". ورآه سيدنا علي بن أبي طالب يجري، فسأله: "إلى أين يا أمير المؤمنين؟"، قال: "بعير من إبل الصدقة أفلت، فأنا أجري لألحق به"، قال علي: "لقد أتعبت الذين سيجيئون بعدك!"، فرد عليه عمر رضي الله عنه: "والذي بعث محمداً بالحق، لو أن دابة هلكت بأقصى أرض المسلمين لأخذ بها عمر يوم القيامة".
هؤلاء هم خلفاء المسلمين يضربون لنا أروع الأمثلة في الحفاظ على أموال المسلمين وصونها.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الخالق عبدون علي
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان