أنظمة الضرار وكذب المصطلحات: الفقر الفاضح والبيان المُشَفَّرُ الزائف!
الخبر:
أكدت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب أن مؤشر ثقة الأسر المغربية تابع منحاه التنازلي ليصل لأدنى مستوى له منذ بداية البيانات والبحث عام 2008، مضيفة أن نسبة الأسر التي صرحت بتدهور مستوى معيشتها خلال 12 شهرا الماضية بلغت 83.1%، فيما أشارت 11.8% إلى استقراره و5.1% إلى تحسنه.
وكشفت المندوبية من خلال نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر أن 53.3% من الأسر المغربية بالكاد غطت مداخيلها مصاريفها خلال الفصل الثالث من سنة 2022، بينما استنزفت 43.7% من الأسر مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض. (المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب)
التعليق:
قبحت هذه الأنظمة ما أفجرها وأكذبها ما كان أمرها إلا فرطا، لك أن تجزع من كم ظلمها وجورها وقبيح سوء رعايتها وإفقارها وتجويعها وترويعها للناس، ثم ما اكتفت حتى كذبت على الحقيقة وزيفت المصطلح، ثم هي سادرة في غيها موغلة في إجرامها، ويكأنها نكب النواكب.
وفي خيانتها للأمانة وجنايتها على الناس، استحدثت أنظمة الضرار قاموسها الخاص لمفرداتها الكاذبة الخاطئة لطمس الحقائق، فاستحدثت شِفْرات وكنايات اصطلاحية للتعمية عن الحقيقة العارية الفاضحة، ففي قاموس ضرارها فقر الناس وإفقارهم شِفْرَتُه وكنايته الاصطلاحية هي "مؤشر ثقة الأسر"، وهكذا اختفى جوع الناس وبؤس لحافهم وتداعي ثيابهم وعراء مسكنهم وسقيم أجسادهم وكل ما ينبئ عن بؤس حالهم، وحل محله شِفْرَةُ مؤشر ثقة الأسر، ولك أن تؤشر عن تلك الثقة بما تشاء وأن تتخيل وتتمثل كل طيف الأوهام إلا حقيقة واقع ضنك عيشك وبؤس معيشتك، ثم ذلك الحديث الكاذب الخاطئ عن الأسر علما أن القضية كل القضية هي فقر الأفراد، فالقضية في جوع الواحد منا وعرائه ومرضه، فما تغني أكاذيب اختزال المصيبة في جمع.
فتشفير فقر الناس وبؤسهم بشفرات وكنايات اصطلاحية مضللة من طرف مندوبية التخطيط هو للتعمية وإخفاء قبح السياسة وجناية شر الرعاية وجريمة إفقار الناس عبر إرهاقهم بالجباية؛ مكوسا وضرائب ورسوما واقتطاعات ومخالفات وغرامات، مثالا لا حصرا يتصدر النظام المغربي بقية الأنظمة العربية في الضريبة على الدخل، إذ متوسط معدلها 25%، عطفا عليها غول الضرائب على السلع والخدمات المكناة ضريبة على القيمة المضافة، لك أن تعلم أن في كل كسرة خبز للجائع الفقير ضريبة، وفي كل حبة دواء للسقيم المعدم ضريبة، وفي كل تذكرة نقل للبائس الذي لا يجد ما يركب ضريبة، وفي كل رشفة ماء للعطشان والعجماء ضريبة، وفي كل قشة لعريان ضريبة، بل في أجرة العامل الغارم المثقل بالديون ضريبة تقتطع قبل استيفائه أجره، وفي حليب الرضيع الضعيف العاجز ضريبة، بل في حفرة الميت ضريبة. أما عن الغرامات والمخالفات فكفى بغرامات المحاكم ومخالفات السير شاهدا، فقضاة محاكمهم باتوا جباة، أما عن مخالفات قانون سيرهم فقد صيروا لها شُرَطَ مرورهم طائفة من قطاع الطرق يتربصون بالساقة الدوائر. ثم ما اكتفت أنظمة الضرار بجور جبايتها حتى أردفت معها شر غلاء الأسعار وجهد تكاليف المعيشة، لك أن تعجب في بلد له فائض فوق احتياجاته من الخضروات والفواكه والأسماك (تشير الأرقام الرسمية إلى أن الثروة البحرية في المغرب تتشكل من 500 نوع من السمك، يجعل المغرب يحتل المرتبة الأولى أفريقيا و13 عالميا من حيث الإنتاج)، لكن أسعارها هي الأعلى بشمال أفريقيا بل أعلى من أسعار دول لا تملكها وتقتنيها من المغرب، بل جل أهله لا يرون إلا صنفين أو ثلاثة من أرذل أنواع أسماكهم. لك أن تعجب في بلد تُكتشف فيه حقول الغاز تِباعا باحتياطات ضخمة قدرت سنة 2020 بـ51 مليار قدم مكعبة يوميا (حقول قبالة سواحل مدينة العرائش شمال المغرب ومنطقة غرسيف بالشمال الشرقي وحوض تندرارة بالشرق وحوض الصويرة بالجنوب الغربي وبه أهم الحقول وهناك المنطقة البحرية لطرفاية - أكادير بالجنوب على المحيط الأطلسي)، في حين تناقش حكومة النظام البائس زيادة ثمن قنينة الغاز التي يقتنيها البائس الفقير من أهل البلد، ولم ينبس ببنت شفة ساسته المأفونون كيف أصبح هذا الغاز مِلْكا لملاعين الإنجليز وشركات نهبهم (شركة "شاريوت" البريطانية وشركة "بريداتور أويل آند غاز" البريطانية وشركة "إس دي إكس" البريطانية وشركة "ساوند إنرجي" البريطانية).
ثم أخذت أنظمة الضرار تجادل عن إجرامها في إفقار الناس وصناعة فقرهم بمصطلحات مشفرة وكنايات زائفة وتراكيب باطلة المعنى والمفهوم، ففي قاموس ضرارها المشفر يرمز لفقر الناس وضنك معيشتهم وبؤس حالهم بتراكيب مشفرة على نحو مؤشر ثقة الأسر والوضع المالي للأسر والمستوى المالي للأسر والبحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر، فكل هذا العناء والتعسف الاصطلاحي لمندوبية التخطيط هو للتعمية عن الاسم الحقيقي الفاضح وهو فقر الناس وبؤس حالهم وضنك معيشتهم، فهذه المندوبية هي مجرد إدارة مركزية وأداة يستخدمها النظام لنشر زيف بياناته، فهي لم تقم بأي مسح شامل للأسر بالمغرب من أجل تقدير فقرهم وعوزهم وحاجاتهم، بل أرقام عارية عن الواقع لعينات منتقاة لملء الملف وإعلان البيان، ثم تأتي ببياناتها الزائفة عبثا تحاول بها إخفاء الكارثة وأرقامها الصادمة الحارقة، فمؤشر الفقر الصادر عن برنامج الأمم المتحدة قدر نسبة الفقراء الذين يعانون من الحرمان الشديد من أهل المغرب بـ45.7% لسنة 2019، إذا أضفنا لها هذه السنوات الثلاث الشداد العجاف فلك أن تتصور حجم الكارثة ونسبة الفقراء، في بلد تعداد ساكنته لسنة 2021 قدرت بنحو 36,910 مليون نسمة، قرابة 20 مليوناً من ساكنته من المحرومين والبقية إلا قليل القليل موزع ما بين فقير ومسكين ومحتاج وغارم، فالديون التي طمرت الناس وتفاقمت بها مآسيهم قيمتها الإجمالية بلغت 42 مليار دولار لديون الأفراد بالمغرب، ما يمثل 34% من الناتج الإجمالي المحلي.
دعوكم من زيف البيانات وكذب المصطلحات فالكارثة أقبح من أن يخفيها جدال المفردات، ففقر أهل المغرب المدقع الأسود تراه رأي العين في مناطق الأطلس وساكنة كهوفه المحرومة حتى من الماء الشروب طعام أهلها كفاف ورقاعهم ملابس، الحديث هناك عن التعليم والدواء لغو وترف، ثم هناك في مدنه وحواضره الكبرى تكتمل أركان الكارثة خِرَبٌ متداعية متناثرة صُفَّت علبا وصناديق سكنية، ولك هناك صنوف من المأسي لا تنقضي، مئات الألوف من الشيب العجزة الهائمين على عظامهم جياعا حفاة عراة يتسولون في ضعفهم ذلا، ومئات الألوف من الأرامل والمطلقات على قارعة الطرقات يبعن مزق خرقهن ليطعمن فراخا يتضورون جوعا، ومئات الألوف من صبية أحداث يحملون أضعاف أجسامهم أحمالا لجمع لقمة من نار ورشفة من قطران، وملايين من الشباب الذي أفسدوا عليه دينه ودنياه وتركوه نهشا للبطالة والعطالة شريدا طريدا، إن لم يبتلعه البحر هربا من جحيم أوضاعه أردته أنظمة الضرار حطاما بشريا متناثرا في الطرقات ملتصقا بالحيطان والجدران، هملا منسيا يزاحم القطط والكلاب على صناديق القمامة يبغي منها فتات قوته...
هي حقيقة الفقر العارية الفاضحة لأهل المغرب فما تغني البيانات الزائفة والمصطلحات الكاذبة والمندوبيات المنبوذة. يا أهلنا هذه هي الحقيقة الفاضحة لمأساتكم والتبعات الخطيرة لضياع خلافتكم وغياب إسلامكم عن دفة الحكم والسياسة بل قل غيابه عن حياتكم، ونكبكم برويبضات الجور عملاء الاستعمار يتخوضون في ثرواتكم وأموالكم التي جعلها الله حقا لكم ويستغنون فحشا وتهلكون أنتم فقرا وبؤسا.
يا أهلنا أما آن الخلاص والتخلص من هذا المستنقع المتعفن الآسن لأنظمة الضرار بإعادة إسلامكم العظيم إلى سدة الحكم ودفة القيادة، لتروا حقيق الرعاية وعدل الحاكم وطيب العيش ورضا الجليل وبركات من السماء والأرض.
﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
مناجي محمد