المكاتب الاخرى

بيان صحفي

ألم يئن أوان إلغاء الجمهورية وإعلان الخلافة على منهاج النبوة؟!

 

 

في مثل هذا اليوم من سنة 1957 ألغى المجلس القومي التأسيسي النظام الملكي وأعلن النظام الجمهوري ليكون الحبيب بورقيبة أوّل رئيس للجمهورية التونسية، زاعما بذلك تمثيلية الشعب.

 

وكان إعلان الجمهورية سنة 1957 ركوبا رخيصا على نضالات المجاهدين ضد الاستعمار الفرنسي، واحتواءً لمسار نضالي طويل خاضه الشعب التونسي ضدّ المستعمر الفرنسي منذ عام 1881، وضربا لكل نفَس إسلامي فيه، حيث ضحى الكثير من أهل تونس بمُهَجِهم وأرواحهم في سبيل تحرير البلاد من الاستعمار، نحسبهم عند الله من الشهداء الكرام، فيما لا تزال المقابر الجماعية شاهدا على عصر الوحشية والدمويّة التي ميّزت مسار فرض الديمقراطية بالحديد والنار، وإرغامنا على استيراد دولة الحداثة المزعومة وبناء أسسها العلمانية، قبل المرور إلى استعمال شتى أشكال التضليل الإعلامي لقبولها واستساغتها.

 

ولم يخرج الاستعمار العسكري الذي تغلغل في البلاد وعشش لمدة 75 سنة، إلا بوجود ضمانات تحافظ على نفوذه ومصالحه وتجعل من تونس حديقة خلفية لأجنداته وسياساته وحتى تصوراته الفكرية والثقافية، يرعاها جيش من مرتزقة السياسة والإعلام من المضبوعين بالفكر الغربي، الموالين للاستعمار والمزدرين للإسلام، ليتكفلوا بمهمة إعادة صياغة التاريخ وتزويره، وربط تونس بامتداد فينيقيّ وزعيمة أسطورية تُدعى علّيسة وحضارة قرطاجنيّة وثنيّة تقفز فوق قرون من التاريخ الإسلامي العريق، تنكراً للفتح الإسلامي وبتراً لهذا البلد عن جسد الأمة وحاضنته الطبيعية.

 

ومنذ إعلان النظام الجمهوري العلماني، وتمهيد الطريق أمام الدساتير الوضعية، وأهل تونس يتجرعون الأمرّين؛ مرارة فرض تطبيق الرأسمالية عليهم باسم الديمقراطية وحريّة الاختيار، ومرارة استهداف الإسلام وإقصائه من الحكم والتشريع، وإبعاد فكرة الخلافة عن أذهانهم وتشويهها بكل الوسائل والأساليب مع أنها سبيل خلاصهم، فضلا على التعتيم الرهيب على دعاتها وتعطيل نشاطهم.

 

وهكذا، صار الولاء لأوروبا، شرطا أساسيا في الوصول إلى الحكم، ولم يشذ عن هذه القاعدة أيّ من حكام تونس، بدءا من بورقيبة الذي تم تصويره على أنه زعيم المجاهدين ضد الاستعمار، وانتهاء بقيس سعيد الذي يخوّن باستمرار كل المرتمين في أحضان الاستعمار، بينما تصب أعماله السياسية مباشرة في مصلحته، ليس آخرها توقيع مذكرة تفاهم مع قادة الاستعمار الأوروبي. بل صارت مصالح أوروبا مقدمة على مصالح أهل البلد، وصار الحرص على حماية سفارات الدول الاستعمارية مقدما على حماية أبناء الشعب، لتظل تونس كما كانت قبل الفتح الإسلامي (مطمور روما)، فيما يدير هذا النظام الجمهوري ظهره إلى الجارتين ليبيا والجزائر، ولا ينسق مع أي منهما إلا بعد أن تأتي الموافقة من وراء البحار، ليفقد مفهوم الأمن القومي محتواه في ظل هذه الأنظمة العميلة المتصدّعة.

 

أما القاسم المشترك بين هؤلاء الحكام في ظل هذا النظام الجمهوري، فهو تخليهم عن الإسلام كنظام للحياة والمجتمع والدولة، وضرب بأقوال كبار العلماء سلفاً وخلفاً في وجوب إقامة الخلافة عرض الحائط ومنهم العلامة ابن خلدون والشيخ الطاهر بن عاشور رحمهما الله، بزعم الولاء للوطن الذي صنع على أعين المستعمر وبإشراف منه.

وفيما يحتفل أدعياء الجمهورية بنظام فاقد للشرعية لم يعد له من جمهور، فإنه لا يسعنا في المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس إلا أن نذكر أهلنا في بلد الزيتونة بنظام الخلافة بوصفه واجبا شرعيا لا ضرورة حياتيّة فحسب، وأن نوضّح ما يلي:

 

أولا: إن نظام الخلافة ليس نظاماً ملكياً، ولا يقر النظام الملكي، ولا يشبه النظام الملكي؛ وذلك لأنه في النظام الملكي يصبح الابن ملكاً بالوراثة، ولا علاقة للأمّة بذلك. أما في نظام الخلافة فلا وراثة، بل إن بيعة الأمة هي الطريقة لنصب الخليفة.

 

ثانيا: إن نظام الخلافة ليس نظاماً جمهورياً، فإن النظام الجمهوري أول ما نشأ كان ردة فعل على طغيان النظام الملكي، حيث كانت للملك السيادة والسلطان يحكم ويتصرف بالبلاد والعباد كما يريد ويهوى، فهو الذي يضع التشريع كما يريد.

 

فجاءت الأنظمة الجمهورية، ونقلت السيادة والسلطان للشعب فيما سمي بالديمقراطية. فصار الشعب هو الذي يضع قوانينه فيحلل ويحرم، ويحسّن ويقبّح. وصار الحكم بيد رئيس الجمهورية ووزرائه في النظام الجمهوري الرئاسي، وبيد مجلس الوزراء في النظام الجمهوري البرلماني (ويكون مثل هذا - أي الحكم بيد مجلس الوزراء - في الأنظمة الملكية التي نُزعت صلاحية الحكم فيها من الملك حيث بقي رمزاً يملك ولا يحكم). وصار النظام الرئاسي والنظام البرلماني وجهان لنظام علماني واحد، يدين بعقيدة فصل الدين عن الحياة. وأما في الإسلام، فالتشريع ليس للشعب، بل هو لله وحده، ولا يحق لأحد أن يحلل أو يحرم من دون الله، وجَعْل التشريع للبشر هو جريمة كبرى في الإسلام...

 

ثالثا: إن شكل نظام الحكم في الإسلام (الخلافة) متميز عن أشكال الحكم المعروفة في العالم، سـواء أكان في الأساس الذي يقوم عليه، أم بالأفكار والمفاهيم والمقاييس والأحكام التي ترعى بمقتضاها الشؤون، أم بالدسـتور والقـوانين التي يضعها موضع التطبيق والتنفيذ، أم بالشكل الذي تتمثل به الدولة الإسلامية، والذي تتميز به عن جميع أشـكال الحكم في العالم أجمع.

 

فالخلافة شرعاً هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لإقامة أحكام الشرع الإسلامي، وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم، وهي الشكل الذي وردت به الأحكام الشرعية لتكون عليه الدولة الإسلامية كما أسسها رسول الله ﷺ في المدينة المنوّرة، وكما سار عليها الصحابة الكرام من بعده، وهذا الرأي جاءت به أدلة القرآن والسُّنة وعليه إجماع الصحابة، ولم يخالف ذلك في الأمة جمعاء إلا من تربى على ثقافة الكافر المستعمر الذي هدم دولة الخلافة ومزق بلاد المسلمين.

 

والحاصل أن نظام الحكم في الإسلام هو نظام الخلافة. وقد انعقد الإجماع على وحدة الخلافة، ووحدة الدولة، وعدم جواز البيعة إلا لخليفة واحد. وقد اتفق على ذلك الأئمة والمجتهدون وسائر الفقهاء، ولم يشذ عن ذلك إلا من اتبع هواه وخالف شرع الله وارتمى في أحضان أعداء الله ورسوله.

 

فيا أهلنا في تونس حاضرة الخلافة الراشدة الأولى:

 

مَن الأجدر منكم باحتضان الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة؟ مَن الأجدر منكم بتحقيق هذه الغاية العظيمة التي تهون في سبيلها التضحيات؟! مَن الأوْلى منكم بهذه الهدية الربانية التي تنتهي بها كل المآسي والمشكلات والأزمات؟! وماذا جنينا جميعا من فتن الوطنيات والقوميات غير الفرقة والشتات؟ ألستم أحفاد عقبة بن نافع وطارق بن زياد وأسد بن الفرات وعلي بن زياد الذي أدخل المذهب المالكي إلى تونس فتحولت إلى منارة للعلم والفقه قبل أن تظهر فتن الوطنية والقومية التي زرعها الاستعمار؟ ألا تتوقون إلى عز الدّنيا والآخرة وجنّة عرضها السماوات والأرض؟!

 

إننا في حزب التحرير قد وضعنا بين أيديكم التصور الواضح لنظام الحكم في الإسلام، الذي حكم به أئمة الهدى سادتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، وأجمع عليه فقهاء المذاهب الأربعة، وبيَّنَّاه بهيكله وتفاصيل إداراته، وأخرجنا للأمة دستوراً كاملاً لدولة الخلافة القادمة قريبا بإذن الله، مستنبطاً في كل مادة من كتاب الله وسنة رسوله وما أرشدا إليه من إجماع الصحابة والقياس الشرعي، وجمعنا الأدلة لكل مادة في مقدمة لهذا الدستور.

 

فالواجب عليكم بعد هذا البيان الشافي هو الالتزام بما أمركم به ربّكم الذي بيده وحده نصركم وعزكم، فلا تقبلوا أي نظام يُطرح عليكم حتى ولو كان مُجمَّلَ الوجه مُزكّىً من قِبَل أشباه الساسة والحكام، ولا تخوضوا مع الخائضين في أوهام الجمهورية والديمقراطية، ولا تقبلوا أن تُرفع لكم الشعارات البرّاقة حتى ولو تمسّحت بذكر الإسلام، إذا كان مضمونها الديمقراطية والحكم بغير نظام الإسلام. قال تعالى: ﴿وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ [المائدة: 49-50]

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير

في ولاية تونس

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية تونس
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 71345949
http://www.ht-tunisia.info/ar/
فاكس: 71345950

 

آخر الإضافات