بيان صحفي
﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ﴾
شهدت مدينة كركوك منذ أكثر من أسبوع فوضى عارمة، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهرين كُرد وقوات الأمن؛ بسبب دعوة رئيس الوزراء العراقي تسليم مقر قيادة عمليات كركوك الذي تشغله منذ أحداث 16 تشرين الأول/أكتوبر 2017 إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني، وعلى إثر ذلك تجمعت الحشود واعتصمت أمام مقر العمليات المشتركة، للتعبير عن رفضها تسليم المقر، وقامت بقطع الطريق الرئيس الرابط بين كركوك وأربيل.
وفي يوم السبت الموافق 2023/9/2 انطلقت تظاهرات موالية للحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة مطالبة بإنهاء قطع الطرق وعودة الحزب الديمقراطي إلى مقره، ما أدى إلى حدوث مناوشات بين المتظاهرين الكرد والشرطة والحشد الشعبي تخللها إطلاق نار، ونقلت مصادر الشرطة في المدينة ارتفاع عدد القتلى إلى 4 مدنيين وإصابة 15 آخرين بجروح، ما دعا رئيس الوزراء إلى فرض حظر التجول في المدينة لمنع تصاعد العنف.
وفي يوم الأحد الموافق 2023/9/3 قررت المحكمة الاتحادية العليا، إيقاف إجراءات التسليم، وأصدرت أمراً ولائياً ضد رئيس الوزراء/إضافة لوظيفته، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني/إضافة لوظيفته، وممَّا تجدر الإشارة إليه أن الأمر الولائي ليس كالقرار الأصلي فهو يقتصر على اتخاذ إجراءات تحفظية وقتية.
إنَّ المتابع لهذه الأحداث يرى بوضوح مدى هشاشة وضعف الحكومة العراقية، وفقدان سيطرتها على الشارع والفصائل المسلحة، وهذا ما كشفته تصريحات الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، بدعوة جميع الأطراف للامتناع عن أي تهديد أو استخدام للقوة في كركوك، وتراجع السوداني عن قراره، وتهديدات المتظاهرين لرئيس الوزراء وأنَّهم لن يسلموا المقر وهم مستعدون لحرق كركوك إذا لزم الأمر.
أيها المسلمون في العراق: لقد نجح الكافر المحتل بتمزيق العراق من خلال فرض نظامه الفيدرالي، وتقسيمه السياسي للشعب العراقي إلى شيعة وسنة وكُرد، ولم يزل يعمل جاهداً ليكون هذا التقسيم قراراً شعبياً وليس سياسياً، من خلال الفتن الطائفية والعرقية، فهم ﴿لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلّاً وَلَا ذِمَّةً﴾، فمدينة كركوك قنبلة موقوتة، وورقة بيد المحتل الأمريكي يمكن استخدامها في إثارة الفتنة أو إثارة الرأي العام الكُردي للضغط على الحكومة الاتحادية في بغداد، لِمَا لها من أهمية اقتصادية، فهي تحتوي على أكثر من مائتين وأربعين بئراً نفطياً، ويبدو أنَّ هذا القرار جاء نتيجة ضغوطات على الحكومة متزامناً مع التحركات الأمريكية في المنطقة، فهو لا يصب في مصلحة الحكومة العراقية، والمستفيد هو الحزب الديمقراطي الكردستاني لاقتراب الانتخابات المحلية.
أيها المسلمون: إلى متى تبقون وقوداً للفتن ومخططات عدوكم؟ فبالأمس مزق الكافر المستعمر خلافتكم إلى نيف وخمسين دولة، وجعل هذه الدول تتصارع على حدود وهمية وضعها بينها، واليوم يفرض عليكم مخططاً أخبث من سابقه بتمزيق البلاد على الأساس الطائفي والقومي والعرقي، ويهيئ الشعوب لهذا المخطط الإجرامي ليكون تقسيمه دائمياً. أما آن لكم أن تفيقوا من غفلتكم وتضعوا الذل عن رقابكم؟ أما آن لكم أن تنادوا بهويتكم الإسلامية وتنبذوا الطائفية والقومية والعرقية؟ أما آن لكم أن تقدموا التضحيات الكريمة لنصرة دينكم، بدل التضحيات الكبيرة والرخيصة لخدمة مشاريع عدوكم؟!
فإلى العمل الجاد لعودة الإسلام إلى معترك الحياة، وتحكيم شرع الله، وعز الدنيا والآخرة ندعوكم أيها المسلمون، واعلموا أنَّ الله سبحانه وتعالى لم يخلقنا عبثاً، وقد فرض علينا هذا الأمر الذي فيه ذكرنا ورفعتنا، قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، ولا يتحقق هذا الذكر، ولا هذا الشرف إلا بالإيمان بالله وتحكيم كتابه، والكفر بالطاغوت ونبذ دستوره، مصداقاً لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالاً بَعِيداً﴾.
المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية العراق