أيها المسلمون: كفاحكم عقائدي وهو موطن قوتكم!
يستمر مسلسل حرق المصحف الشريف في السويد بمنح الشرطة سلوان موميكا تصريحاً آخر لحرقه في مدينة مالمو يوم الأحد 3 أيلول/سبتمبر 2023م. وذكرت قناة (SVT) السويدية أن شخصين حاولا اقتحام فعاليته عنوةً لكن الشرطة سيطرت عليهما. وأفادت وسائل إعلام عدة من ضمنها صحيفة أفتونبلاديت وقناة (SVT) التلفزيونية ليلةَ الأحد أن أشخاصاً ملثمين رشقوا الشرطة بالحجارة وأضرموا النار في العديد من السيارات في مدينة مالمو.
إن السويد تواصل اعتماد سياسة الصهر العدوانية التي تنتهجها الدولة. وها هي الدولة السويدية تتبع منذ سنوات عدة سياسة صهر محمومة تهدف إلى محو هوية المسلمين الإسلامية وعلمنتهم بالقوة. وحاولت الدولة في خضم محاربتها الإسلام وهوية المسلمين حظرَ الخمار وحظرَ تمويل المساجد من الخارج وسحبَ إعانات المنظمات الإسلامية وإغلاقَ المدارس الإسلامية، كما اعتمدت الدولة خطفاً ممنهجاً لأبناء المسلمين وترعى مسلسل حرق المصحف، واتبعت الدولة سياسة التضييق على المسلمين من خلال مسألة الشرف (العِرْض) التي تمنع الآباء المسلمين من تربية أبنائهم على أساس الإسلام. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا﴾ [البقرة: 217].
وذكرت قناة (SVT) يوم السبت الثاني من أيلول/سبتمبر 2023م أن حرق المصحف خلال العام الجاري كلف الدولة ما يقرب من 4.7 مليون كرونة سويدية. كما أوردت إذاعة راديو السويد في آب/أغسطس من العام الماضي أن سلسلة أعمال حرق بالودان للمصحف الشريف كلفت الدولة أكثر من 40 مليون كرونة سويدية. ولا تزال الدولة السويدية تدفع ثمناً باهظاً لسياسة الصهر التي تنتهجها، إذ كلفتها الملايين من الكرونات بالإضافة إلى سمعتها في الخارج وتعرض سلامةَ المواطنين والسلمَ المجتمعي للخطر. يقول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36]
لقد أثبتت الأيديولوجية الرأسمالية، التي تضع الحريات في المقدمة، عجزها وإخفاقها في قيادة العالم وبناء مجتمع يتقبل جميع الناس. فالمجتمعات العلمانية تئن تحت وطأة الأزمات السياسية والاقتصادية والانحطاط الأخلاقي والتفكك الأسري والأمراض النفسية والجريمة... وها هم حَمَلةُ لواء الديمقراطية يعلنون هزيمة قِيَمِهم عندما يتنكرون لمبادئهم.
إن إفلاس الغرب فكرياً يطهر جلياً عندما يعجزون عن مواجهة الإسلام فكرياً فيلجأون للسخرية والتشويه بدلاً من ذلك. فقوة الإسلام الفكرية لا مثيل لها إذ تتجسد في تحدي القرآن للبشرية بالإتيان بمثله. إن إخفاق الغرب في التعامل مع الإسلام بعقلانية يدفعه إلى حرق المصحف واستفزاز شباب المسلمين لجرهم إلى ردود فعل عنيفة ليقوم باستغلالها سياسياً في حربه على الإسلام.
أيها المسلمون!
نهيب بكم أن لا تنجروا إلى صدامات عنيفة وردود أفعال مخالفة للشريعة لا تحل المشكلة بل تستخدم ضدنا. إن دعوتنا هي دعوة فكرية وسياسية وعلينا أن نحمل الإسلام على هذا الأساس، لا سيما في عصرنا الذي ينشد فيه العالمُ الخلاصَ من فساد الرأسمالية. إن الإسلام هو حل البشرية الوحيد ومهمتنا تكمن في توحيد قوانا وتوجيهها في العمل الحقيقي الرامي لإقامة الخلافة وتجسيد الإسلام بدلاً من الاستدراج وراء ردود أفعال لا جدوى منها ولا تؤدي لصون القرآن الكريم ونهضة المسلمين. إننا نناشد جميع المسلمين لتحويل غضبهم وخيبة أملهم إلى عمل سياسي جاد لإعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى من خلال تحدي جميع الأيديولوجيات الأخرى ونشر الإسلام.
إن سياسة الصهر القسري تهدف للنيل من إيمان المسلمين وقِيَمِهم السامية. فلا تنخدعوا وتستبدلوا بها القيمَ الغربيةَ المخفقةَ التي تخلى عنها أهلها أنفسهم. بل حصنوا أنفسكم منهم بالاعتصام بالقِيَم الإسلامية. وليست القيم الإسلامية مجرد شعارات وطقوس بل هي مفاهيم تتجلى في السلوك ونمط العيش. فادرسوا أفكار الإسلام بعمق لتتمكنوا من حمل الإسلام فكرياً والوقوف في وجه محاولات الصهر هذه وتحدي القِيَم الغربية فكرياً وإثبات عظمة الإسلام.
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾