مقالات

بيانات المكتب الاعلامي لحزب التحرير - ولاية العراق

المقالات

بيانات المكتب الاعلامي المركزي

خبر وتعليق

نشرات الحزب

نشرات الولايات

بسم الله الرحمن الرحيم

حزب التحرير
يهنئ الأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك

 

بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، يسر حزب التحرير ـ ولاية العراق، أن يتقدم إلى الأمة الإسلامية عامّة، وأهل العراق بخاصة ليبارك لهم العيد، سائلين المولى عز وجل أن يجعل عيدها عيد خير وبركة، ونصر وتمكين.
وحزب التحرير إذ يتقدم لكم بهذه التهنئة، ويشارككم فرحة العيد تعظيماً لشعائر الله سبحانه وتعالى ، لا يسعه إلا أن يذكركم بثلاثة أمور:

1- إن عيدنا هذا حزين، ففي الوقت الذي يجتمع فيه المسلمون في وحدة إسلامية عظيمة، جمع الله تعالى فيها الأبيض والأحمر والأسود ، والعربي والأعجمي ، من كل حدب وصوب حول الكعبة المشرفة ـ مهد الرسالة الإسلامية ـ وعلى صعيد عرفة، نرى في بلاد المسلمين الفرقة والشتات .. نرى من يعمل لترسيخ فصل الدين عن الحياة ( العلمانية ).. نرى من يعمل لترسيخ فكرة إعطاء البشر صلاحية التشريع من دون الله تعالى ( الديمقراطية ).. نرى من يعمل لتمزيق بلاد المسلمين أكثر مما هي ممزقة باسم الفدرالية..... نرى كل ذلك بدل أن نرى العمل لتوحيد بلاد المسلمين وتحكيم شرع الله عزَّ وجل. وكذلك نرى اعتقالات ظالمة، واغتيالات مشبوهة، وانتهاكاً للحرمات، وتفجيرات في الأسواق والمآتم وأمام مراقد الأئمة، ... يقتلون الأبرياء بغير حق، يقتلون المسلم الذي قال عنه صلى الله عليه وآله وسلم : «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم» .

وحزب التحرير إذ يدين هذه الأعمال التي تمارس ضد المسلمين، فانه يحمِّل قوات الاحتلال الأمريكي والبريطاني، وحلفاءَهم وأعوانهم، كامل المسؤولية، حيث تواترت الأنباء عن ضلوع هذه الجهات بعدد كبير من هذه الأعمال بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وبخاصة في الأسواق والمآتم والمساجد ... وهذا واضح جلي فإن المسلم لا يوجه مقاومته لمساجد المسلمين وأسواقهم ومآتمهم، فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم وأبشاركم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.... لاترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» .

2- لقد حذركم حزب التحرير في أكثر من مناسبة من الانسياق وراء العملية السياسية التي يُعدُّها المحتل، وبين لكم أن المحتل إنما يريد من هذه العملية إضفاء الشرعية على احتلاله، وتسويق صلاحية التشريع للبشر مكان رب البشر باسم الديمقراطية، وأنه يريد تحقيق ذلك بالتزوير وبغيره، وما الانتخابات الأخيرة إلا حلقة من سلسلة طويلة تنتهي بتمكينه من رقاب المسلمين وخيرات بلادهم، ومنعهم من إقامة دولتهم، هكذا حذَّركم الحزب وبيَّنه لكم، لكنكم أبيتم إلا الاستماع لدعوات المشاركة.. وماذا كانت النتيجة ؟!.

لقد كانت أول مكافأة لكم على مشاركتكم في الانتخابات واستجابتكم لنداء بوش وبلير وحلفائهما وأتباعهما ـ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ـ أن رفعت أسعار المحروقات، بقرار فردي من الحكومة، ودون الرجوع إلى ما يسمى بالجمعية الوطنية، والذريعة هي اشتراط صندوق النقد الدولي رفع الدعم عن أسعار المحروقات. لينظر المسلمون إلى هذا الشيطان اللعين وما فعله ويفعله في بلاد المسلمين في آسيا الوسطى وجنوب إفريقيا، وكيف جعل منها دولا فقيرة مثقلة بالقروض، لا تملك قرارها السياسي.

3- إن حزب التحرير قد نذر نفسه للعمل لاستئناف الحياة الإسلامية، بإقامة الخلافة على منهاج النبوة، وفي عمله هذا يلتزم بالطريقة الشرعية التي سار عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فهو يتخذ من الصراع الفكري والكفاح السياسي، وحمل الدعوة وطلب النصرة طريقاً لا يحيد عنه ، ولا يتبنى القيام بالأعمال المادية طريقةً لتحقيق هذا الهدف أثناء حمله الدعوة.

أيها المسلمون: 
إن الدنيا دار غرور ومتاع زائل، فلا تغرنكم المصالح الدنيوية، ولا يغرنكم بالله الغرور، ولا تنخدعوا ببعض المكاسب الجزئية المزعومة. واعلموا أن خلاصكم في الدنيا والآخرة لا يكون بالاستجابة لمن يدعوكم للسير في ركب المحتل وتنفيذ مؤامراته ومخططاته. وإنما يكون خلاصكم في الدنيا والآخرة بالتمسك بشرع الله تعالى، والعمل الدؤوب لإقامة دولة الإسلام التي تطبق شرع الله تعالى كاملا غير منقوص.

{الم . أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ . أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ . مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ . وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} .

 

 

العاشر من ذي الحجة 1426هـ
 
حزب التحرير

الموافق

2006/01/10م
 
ولاية العراق

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الانتخابات .... مقدمة لتطبيق أحكام كفر على المسلمين بأيدي المسلمين

 

 

في 30 كانون الثاني 2005م ستجري في العراق انتخابات المجلس الوطني والذي سيختار بدوره حكومة انتقالية, ثم إعداد دستور دائم للبلاد، إن هذه الانتخابات تجري استناداً للأمر رقم 69 والصادر عن الحاكم المدني السابق بول بريمر، وتحت حراب القوات الأمريكية التي ستنشر في بغداد (30000) جندي يوم الانتخابات.

إن المجلس الوطني المراد انتخابه هو الذي سيضع الدستور ويسن القوانين والأنظمة، وهو وكيل عن الشعب في سن هذه القوانين وهذا يتناقض مع الإسلام من حيث الأساس، ففي الإسلام التشريع من الله وحده والسيادة للشرع وليست للشعب، قال تعالى {إِنِ الْحُكْمُ إِلاّ لِلَّهِ } وقال {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } .
وعليه فإن المسلم إذا دخل هذا المجلس وبهذا الشكل كان آثماً، لأنه وضع نفسه مكان رب العالمين في التشريع .

إن النظام الديمقراطي الذي تريد أمريكا إيجاده في العراق والذي يقوم على عقيدة فصل الدين عن الحياة والذي يجعل للبشر صلاحية التشريع، أي التحليل والتحريم، مناقض تماماً للعقيدة الإسلامية وهو كفر صراح قال تعالـى : {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ} . وقال سبحانه: {يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} . فهذه الآيات وغيرها كثير، صريحة في أن الحكم (أي التشريع) يجب أن يكون لله وحده ولا يحل أخذه من البشر .

ولا يقال بأن المسلمين يستطيعون الوصول لتطبيق أحكام الإسلام عن طريق عرضه على المجلس الوطني، لأن ذلك يعني عدم أخذ الإسلام على أساس أنه الدين الذي ألزمنا الله تعالى بتطبيقه، بل هو أخذ له على أساس قبول الأغلبية به، وهذا أمر قابل للتغيير, فاليوم أغلبية وغداً أقلية فنرى أحكام الله تعالى تحل عاماً وتحرم عاماً، فهل يحل لمسلم أن يجعل دينه عرضة لأهواء البشر يتقلب حسب قبولهم له أو رفضهم؟ هذا إذا سمح للذين يدعون لتطبيق الإسلام أن يكونوا أغلبية في المجلس، ولكن الواقع الذي يراد وجوده هو شعارات إسلامية فقط في المجلس حتى يلعبوا دور المعارضة لتتم مسرحية الديمقراطية ولتظهر جميع الأطياف في كل القرارات المتخذة فتصبح هذه القرارات سيوفاً مسلطة على رقاب المسلمين بحجة أن الأغلبية قبلت بها.

أيها المسلمون:
إن كثيراً من المتحمسين للانتخابات يبررون لأنفسهم ذلك بحجة إننا لا نريد ترك الساحة للعلمانيين!
ونقول لهم: إن العمل الصحيح هو ما يقره الإسلام، فإذا كان العمل محرماً وهو التشريع من دون الله تعالى، فلا يحل القيام به، قال تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاً تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} . فالمؤمن لا يعرض نفسه ليكون وكيلاً عن الناس لتشريع الأحكام من دون الله بل عليه أن ينحاز للإسلام وتطبيقه لا أن ينافس الكفار والعلمانيين على تطبيق أنظمة الكفر .

أيها المسلمون:
إن هذه الانتخابات تجري تحت حراب قوات الاحتلال التي تريد مجلساً نيابياً يعطي للاحتلال شرعية من خلال أناس لا يمثلون العراقيين شرعاً، بل جاء بهم الاحتلال وراء دباباته، ولتكريس تقسيم العراق تحت مسمى الفدرالية، وتدمير القيم الإسلامية تحت مسمى حقوق المرأة والحرية . وهي تجري في وقت لا تزال فيه المدن العراقية تدك بالطائرات والدبابات فتقتل المسلمين الأبرياء دون أن نسمع من أولئك الذين يلهثون وراء الانتخابات ليمثل الأمة من يحرك ساكناً ببنت شفة أمام هذه الجرائم بحق الأمة التي يريد تمثيلها.

أيها المسلمون :
إن حزب التحرير يدعوكم لمقاطعة هذه الانتخابات والإعراض عنها ترشيحاً وانتخاباً، إعراباً عن رفضكم للاحتلال وما ينشي عنه، وإعراباً عن تمسككم بدينكم الذي ارتضاه لكم رب العزة.
إننا ندعوكم لما فيه عز الدنيا والآخرة، فقووا إيمانكم بالله وبالدين الذي أنزله ولا تستبدلوه بدين آخر فتحبط أعمالكم، قال تعالى: {وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} . واعملوا لإزالة الاحتلال وتطبيق شرع الله كاملاً واحملوا رسالة الإسلام إلى العالم نوراً وهداية، تحت راية دولة الخلافة إن شاء الله .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .

 

 

10 من ذي الحجة 1425 هـ
 
حزب التحرير
 
2005/01/20م
 
ولاية العراق
 

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

أيهـا المسـلمون، يـا أهـل العـراق
اتـقـوا الفـتـنة

 

أكد عبد العزيز الحكيم الرئيس الدوري لمجلس الحكم الانتقالي في العراق، في أول مؤتمر صحفي يعقده في 3/12 بعد تسلمه مهام رئاسته الدورية للمجلس في 01/12، أكد أن المجلس بدأ درس تشكيل قوة (ميليشيات) من فيلق بدر وقوات (البشمركة) تتولى بالتعاون مع الأمريكيين المحافظة على الأمن.
ولقد كانت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر في 3/12 قد ذكرت أن الولايات المتحدة قررت إنشاء قوة مكافحة (إرهاب) عراقية شبه عسكرية مؤلفة من (ميليشيات) حزبية تتعاون مع جنود القوات الخاصة الأمريكية وتحت إمرتها، وأنهم سينتشرون أولاً حول بغداد كما تذكر الصحيفة ثم يتوسعون.
إنه من الواضح أن الذين يقفون وراء هذه الفكرة هم قوى الاحتلال وبعض الزمر التابعة التي لا تتقي الله سبحانه، ولا تهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي تريد أن تكون خطاً متقدماً للكفار المحتلين في وجه المسلمين، فتثير الطائفية من جديد بإطلاق (ميليشيات) على أساس طائفي فتوجد اقتتالاً داخلياً يرقبه الكفار المحتلون من بعيد ويذكونه من قريب.
إن هذا عمل مدمر، وإن الذين وراءه، والذين يتولون إشعاله، يكونون قد جاءوا بمنكر عظيم، وجريمة فظيعة، لن تقر أمناً بل ستشعل فتنةً يصطلي بنارها الكثيرون.
أيها المسلمون، يا أهل العراق:
إنَّ سبب فقدان الأمن هو القوات الغازية المحتلة، وإقرار الأمن هو بزوالها وتولي أبناء العراق المخلصين من جيش وشرطة حماية البلد وأمنه.  وأما إقرار الاحتلال ومساعدته برجال (ميليشيات) فهي لا تحفظ أمن العراق بل تقود إلى اقتتال داخلي ومن ثم تزيد الشقاق والفرقة بين أبناء البلد الواحد، ولا يُحفظ في هذه الحالة إلا أمن الكفار المحتلين فقط، الذين يقول الله فيهم: {هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون}.
أيها المسلمون، يا أهل العراق:
إنَّ حزب التحرير ولاية العراق سبق أن حذركم مراراً من أن ينجح الكفار وعملاؤهم في إثارة الطائفية بينكم، ولقد دعاكم الحزب مراراً أن تكونوا عباد الله إخواناً، مسلمين كما سماكم الله، شوكةً في حلق العدو لا شوكةً في وجوه بعضكم بعضاً. {أشداء على الكفار رحماء بينهم}.
وإننا نكرر التحذير والنداء أن تقفوا في وجه هذه الدعوة الطائفية - الفتنة - فتأخذوا على يد الدعاة إلى تكوين (ميليشيات) طائفية تنتشر في مناطق أخرى لتوجد اقتتالاً داخلياً.  خذوا على أيديهم دون هوادة وامنعوا هذا الأمر، وادفعوا هذا الخطر ولا تتركوا الكفار وعملاءهم يتحكمون بكم.
إن حزب التحرير، ولاية العراق، يدعوكم لتأخذوا على أيدي هؤلاء الدعاة الحُطَمَةِ للطائفية قبل فوات الأوان، فإن لَم تفعلوا كان الخطر أشد من خطر الاحتلال وعندها تندمون ولات ساعة مندم، فهل أنتم مستجيبون؟

 

 

13 شوال 1424هـ
 
حزب التحرير
 
2003/12/06م
 
ولايـة العـراق
 

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

دستور كفر واستعمار... يأباه الله ورسوله والمؤمنون

 

 

يوم الاثنين الموافق 8/3/2004م وتحت حراسة عشرات الدبابات الأمريكية، ومئات من جنود الاحتلال، عقد ما يسمى مجلس الحكم الانتقالي في العراق، جلسة جرى خلالها التوقيع على مشروع الدستور أو قانون إدارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقالية، وقد جرى هذا التوقيع بحضور وإشراف بول بريمر الحاكم الأمريكي والفعلي للعراق ونائبه البريطاني جيرمي غرينستوك.
وقد أقر المجلس بالإجماع مشروع الدستور، وأصبح دستوراً جديداً للعراق. وأنه وإن كان قد تغيب عن حفل التوقيع أربعة من الأعضاء، لارتباطهم بمواعيد مسبقة. فقد قام نوابهم بالتوقيع نيابة عنهم، أي لم يعترض أحد على الدستور الجديد هذا.
لقد أحيط توقيع هذا الدستور –الجريمة- بصخب إعلامي داخلي، وترحيب أمريكي بريطاني، واعتبر إقراره حدثاً هاماً يؤرخ لعراق جديد، يكون نموذجاً لدول المنطقة.
إنه لمن المحزن والمؤلم حقاً، أن يوقع هذا الدستور –الجريمة- بأيدي بعض أبناء العراق، ليضع العراق تحت الاستعمار الأمريكي البريطاني المشترك، ويعرض وحدة التراب العراقي إلى التقسيم. ويعبث بقيم المسلمين وعقيدتهم في العراق، حاضرة الخلافة، ومركز الإشعاع الفكري والثقافي والسياسي للكرة الأرضية بأسرها، قروناً من الزمن.
إننا نذكر المسلمين في العراق، سنة وشيعة، عرباً وأكراداً وتركماناً أن هذا الدستور –الجريمة- لا قيمة له ولا اعتبار وفاقداً للشرعية, وأن ما سيبنى عليه لاحقاً من قوانين لا شرعية لها ولا اعتبار، فما بني على باطل فهو باطل، وفاقد للشرعية.
أما فقدانه للشرعية فمبني على سببين:
السبب الأول:
إن أهل العراق في غالبيتهم الساحقة هم مسلمون. سنة وشيعة عرباً وأكراداً وتركماناً. وهم مخاطبون بالأحكام الشرعية، ومطالبون بامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى،وتحكيم شرعه تحكيماً شاملا ً وتاماً في كل جوانب الحياة. ومكلفون بحمل الإسلام الدين الحق إلى البشرية بأسرها، لإخراجها من ظلمة الكفر وظلمه، إلى نور الإسلام وعدله، وقد كرم الله تعالى المسلمين، وجعلهم خير أمة أخرجت للناس، وجعلهم شهداء على البشرية يوم القيامة، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرة: من الآية 143) . وقد نفى ربنا سبحانه وتعالى الإيمان عمن يقبل حكماً غير حكمه، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (النساء: 65) ، وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًاً} (النساء: 60) .
إن التحاكم إلى هذا الدستور هو تحاكم للطاغوت الذي أمرنا ربنا تعالى أن نكفر به، فقد نصت المادة السابعة منه فقرة (أ) على: (الإسلام دين الدولة الرسمي، ويعد مصدراً للتشريع، ولا يجوز سن قانون خلال المرحلة الانتقالية يتعارض مع ثوابت الإسلام المجمع عليها ولا مع مبادئ الديمقراطية والحقوق الواردة في الباب الثاني من هذا القانون) .
لقد ساوى هذا الدستور بين الإسلام والكفر، واعتبره مصدراً من مصادر التشريع -وفي العادة يقتصر تطبيقه على الأحوال الشخصية- كبقية المصادر التي لا تمت إلى الإسلام بصلة. كما ساوى بين الإسلام ومبادئ الديمقراطية، التي تعني حق البشر –الشعب- في التشريع, سواء وافق تشريعهم حكم الإسلام أو ناقضه.
إن النص على اعتبار الإسلام دين الدولة، لا قيمة له شرعاً، فهو لا يعدو تحديد أيام العطل الرسمية، والعطل الأسبوعية، لدوائر الدولة. والقيام ببعض الاحتفالات الشكلية، وتلقي برقيات التهاني بالأعياد، وتنص معظم دساتير البلاد العربية والإسلامية على ذلك، وقد نص دستور العراق الصادر عام 1925م في المادة 13 منه: (الإسلام دين الدولة الرسمي، وحرية القيام بشعائره المألوفة في العراق، على اختلاف مذاهبه محترمة لا تمس، وتضمن لجميع ساكني البلاد حرية الاعتقاد التامة، وحرية القيام بشعائر العبادة، وفقاً لعاداتهم، ما لم تكن مخلة بالأمن والنظام، وما لم تناف الآداب العامة) فهل أدى هذا النص إلى تطبيق الإسلام في العراق أو في غيره من بلاد المسلمين ؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون تدليساً, وذراً للرماد في العيون، لصرف الأنظار عما يحتويه هذا الدستور من أحكام كفر، لا تمت للإسلام بصلة.
لقد نظم الإسلام علاقة الإنسان بربه وبنفسه وبغيره من بني البشر، تنظيماً محكما دقيقاً فيه خير الدنيا والآخرة، وكان الصواب يحتم أن يكون الإسلام هو المصدر الوحيد للتشريع، وان تكون العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو في محاسبتها، أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساسا له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين، بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما، إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} (المائدة: من الآية 3) وقال تعالى: { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85 ) وقال تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} (المائدة: 49 -50) . وقال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة: من الآية 44) .
وقد تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على عدي بن حاتم الطائي، وكان قبل إسلامه نصرانياً قوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة: 31) فقال عدي: ما عبدناهم يا رسول الله. قال صلى الله عليه وآله وسلم : «ألم يحلوا لكم الحرام، ويحرموا عليكم الحلال؟ » قال: بلى. قال: «فتلك عبادتكم إياهم» .
هذه الآيات الكريمة وغيرها من الأدلة القطعية ثبوتاً ودلالة، تنكر لها واضعوا الدستور واكتفوا بالنص، انف الذكر، أو هكذا أملي عليهم. قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ} (البقرة: 79) .
السبب الثاني:
إن العراق بلد محتل تحتله قوات عسكرية لدول أجنبية، وقد فقد بسبب الاحتلال استقلاله، وفقد سيادته، وصاحب القرار فيه، محتل أجنبي، يدين بعقيدة غير عقيدة المسلمين في العراق، ويحمل وجهة نظر عن الحياة، تختلف عن وجهة نظر المسلمين في العراق، وهو صاحب القرار, وهو الذي عين مجلس الحكم، واختار أعضاءه أناساً لا يخدمون إلا مصلحته، ومصالحهم الشخصية، والأمة في العراق بجملتها لا تثق فيهم، بل تتهمهم في ولاءهم وانتماءهم، وهم فوق ذلك ليسوا أصحاب قرار، بل القرار في يد الحاكم الأمريكي -بول بريمر- وهو الحاكم الفعلي، وهو صاحب الصلاحية المطلقة في سن القوانين، يجيز ما يشاء، ويلغي ما يشاء، وقد صرح يوم الأحد 29/2/2004م أنه سيعترض على جعل الإسلام المصدر الرئيسي للتشريع. بل إن النص الأصلي للدستور لم يكتب باللغة العربية، بل كتب باللغة الإنجليزية، والنص الإنجليزي هو المعتبر، عند وجود اختلاف بين النصين.
إن هذا الدستور ثمرة خبيثة من ثمار الاحتلال البغيض، واعتداء صارخ على حق المسلمين في العراق، في سن دستور لهم ينبثق من عقيدتهم الإسلامية، ومصادرة لإرادتهم، وقمع لحريتهم، وفرض الوصاية عليهم، فقد غيب العلماء سنة وشيعة، وغيبت النقابات، والمثقفون وأساتذة الجامعات، وشيوخ القبائل والأحزاب، وأهل الاختصاص في الفكر واللغة، فلم يطلع عليه أحد، ولم يناقشه أحد، وإنما أخرج في لحظة حزينة مفعمة بالألم، بعد الاعتداءات الآثمة في كربلاء والكاظمية. والأمة لا زالت تضمد جراحها.
إن هذا الدستور –الجريمة- علاوة على فقدانه للشرعية، يعتبر مؤامرة سياسية من أفظع المؤامرات على العراق بخاصة، وعلى المسلمين بعامة, ويهدد العراق، والمسلمين في العراق بأخطار ثلاث:
الخطر الأول: وضع العراق تحت الاستعمار من جديد:
إن هذا الدستور سيضع العراق تحت نير الاستعمار من جديد، استعماراً مزدوجاً أمريكياً-بريطانياً تنهب فيه ثرواته التي حباه الله إياها، وتجعل أرضه الطاهرة، مطارات وقواعد عسكرية للدول المحتلة. وسيكبل مصيره باتفاقيات دولية، ومعاهدات مذلة، توقعها الحكومة الانتقالية, توأم مجلس الحكم الانتقالي. فقد صرح الجنرال كيميت الناطق الرسمي بلسان قوات الاحتلال في العراق يوم 9/ 3/2004م في مؤتمر صحفي: (سنواصل عملياتنا العسكرية في العراق بعد نقل السلطة المقرر في الثلاثين من حزيران - يونيو, وسنعمل مع قوات الأمن العراقية، إذ لن نسحب قواتنا بسرعة ليكون لنا تواجد عسكري لسنوات، للمساعدة في إعادة بناء هذا البلد) .
وقد سبقه بأشهر دونالد رامسفيلد، حيث أعلن أثناء تفقده القوات الأمريكية بجزيرة أوكيناوا في اليابان يوم 16/11/2003م: (إن الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق في المستقبل القريب، وإن الإجراءات السياسية التي تجري في العراق، تتعلق بطريقة حكم العراق، ولا علاقة لها بالجانب العسكري، ولا انتشار القوات العسكرية) وذات الشيء أعلنه بريمر يوم 14/ 11/ 2003م في مقابلة مع إحدى قنوات التلفزة الأمريكية, حيث قال: (إن القوات الأمريكية ستبقى في العراق وستطلب من الحكومة العراقية القادمة الموافقة على بقائها) يؤكد ذلك ويقطع به، ما نصت عليه المادة 25 من الدستور -الجريمة- حيث نصت: (تختص الحكومة العراقية الانتقالية بالشؤون التالية حصراً:
(أ) رسم السياسة الخارجية والتمثيل الدبلوماسي، والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية والتوقيع عليها وإبرامها ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية وسياسة الاقتراض السيادي.) .
ونصت المادة التاسعة والخمسون فقرة (ب) : (تماشياً مع مكانة العراق كدولة ذات سيادة ورغبتها بالمساهمة مع دول أخرى في حفظ الأمن والسلم ومكافحة الإرهاب خلال المرحلة الانتقالية. ستكون القوات المسلحة العراقية، مشاركاً رئيسياً في القوة المتعددة الجنسيات العاملة في العراق تحت قيادة موحد ة وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 1511 لسنة 2003م وأية قرارات أخرى لاحقة) .
إنه لمن المضحك المبكي أن تنص هذه المادة على مكانه العراق كدولة ذات سيادة، ولا تقوم قواتها المسلحة، وقوات الأمن فيها بحفظ أمنها الداخلي، بل تحتاج إلى قوات متعددة الجنسيات لحفظ أمنها وتدعي أنها ذات سيادة، وإنها لإهانة للعراق ولجيش العراق، أن تنص المادة ذاتها في فقرتها (أ) : (سيحتوي الدستور الدائم على ضمانات تؤكد أن القوات المسلحة العراقية، سوف لن تستخدم مجدداً لإرهاب الشعب العراقي وقمعه) .
إن الجيش في أي بلد هو درع الأمة وسياج الوطن يذود عن الأمة وعن مقدساتها، ويفتديها، ويضحي من أجلها بدمه، وإذا فسد نظام الحكم استخدم الجيش في غير الغاية التي أنشئ من أجلها، وإنه وإن كان النظام البائد أضاف سيئة استخدام الجيش أحياناً إلى سيئاته الكثر، فإنه لظلم لجيش العراق -مفخرة الأمة- أن يشطب سجله المشرف ودفاعه عن العراق، وفلسطين، وسوريا، ومصر، ويشار إليه بهذه الطريقة المهينة وكأنه عصابة خارجة على القانون.
إن هذا النص لم يأت اعتباطاً وإنما جاء به خبراء الحرب النفسية لإيجاد شرخ بين الأمة وجيشها، حتى ترنو لخلاصها من محنتها إلى الأجنبي، وتأنس به، بدل أن تأنس بنفسها وبأبنائها. وعندما يزاح الاحتلال، ويعود الحكم خلافة راشدة على منهاج النبوة، سيكون جيش العراق جيشاً لتوحيد الأمة، وقهر أعدائها، وسيحمل صناديده رايات الفتح، كما حملها أسلافهم من قبل.
كذلك نصت المادة التاسعة والخمسون فقرة (ج) على ما يلي: (حال استلامها السلطة، وتماشياً مع مكانة العراق كدولة ذات سيادة ستكون للحكومة العراقية الانتقالية الصلاحية لعقد الاتفاقيات الدولية الملزمة بخصوص نشاطات القوة المتعددة الجنسيات العاملة في العراق تحت قيادة موحدة) . إنه من المعروف في شتى دول العالم، أن الحكومات المؤقتة، لا تملك صلاحية إبرام المعاهدات والاتفاقيات، وتسمى الحكومة المؤقتة (حكومة تسيير أعمال) أي أن دورها ينحصر في تسيير الأعمال اليومية المعتادة، وتؤجل كل القرارات المهمة إلى حين انتخاب حكومة جديدة. إلا أن الدستور العراقي الجديد خرج عن هذه القاعدة السياسية المعروفة، وأعطى للحكومة الانتقالية المعينة من قبل قوات الاحتلال، صلاحية رهن مستقبل العراق السياسي حتى إذا ما جاءت حكومة مخلصة، وجدت أن الحكومة المؤقتة قد كبلتها باتفاقيات ملزمة مع قوى كبرى, ودول طامعة، ما يجعل هذه الحكومة، تحتاج إلى معجزة للفكاك من هذه الاتفاقيات.
وتنص المادة الثانية فقرة ب (1) المرحلة الأولى تتألف من فترتين (تبدأ الفترة الأولى بتشكيل حكومة عراقية مؤقتة ذات سيادة كاملة تتولى السلطة في 30 حزيران 2004م وستتألف هذه الحكومة وفق عملية تداول واسعة النطاق بتشاور شرائح المجتمع العراقي، يقوم بها مجلس الحكم وسلطة الائتلاف. ويمكن التشاور مع الأمم المتحدة) . وكيف يصدق عاقل يقرأ هذا النص أن حكومة تشكلها سلطة الائتلاف ستكون ذات سيادة كاملة أو قرار مستقل.
الخطر الثاني: العبث بعقيدة الأمة:
إن هذا الدستور يعرض عقيدة الأمة، ومثلها العليا، وقيمها الرفيعة، لعبث العابثين، وتخريب المخربين. فقد نصت المادة الثالثة عشرة فقرة (أ) (الحريات العامة والخاصة مصانة) إن الحريات الخاصة طبقاً لمفاهيم غير المسلمين عن الحياة. تعني حق الشخص أن يمارس من الأفعال ما يحلو له، ويرغب فيه بصرف النظر عن كون هذا الفعل قد أباحه الله تعالى أو حرمه، شرط عدم التعرض لحرية غيره، فله بالاتفاق مع غيره دون إكراه، أن يقيم ما يشاء من علاقات، جنسية، أو اقتصادية، وله حق قتل نفسه، وله الحق في شرب الخمر وأكل المحرمات، والاتجار بها، ويحميه الدستور، وتحميه الدولة، لأن هذه الأفعال والتصرفات، كلها داخلة ضمن نطاق حريته الشخصية ولا يخفى على ذي لب أن هذه دعوة سافرة للفجور ونشر الرذيلة بين المسلمين في العراق، لغرض خبيث هو تدمير الأسرة المسلمة التي تربت على فضائل الإسلام وقيمه الرفيعة، حيث سيمنع الآباء من التدخل في تربية أبنائهم، بحجة حماية الحرية الشخصية، ويسمح بارتكاب كل الكبائر والمنكرات، تحت ذريعة الحرية هذه ، وما يجري في كل دول الكفر في العالم التي تتبنى هذه الحريات لا يحتاج إلى بيان.
كذلك نصت المادة 13 فقرة (و) على ما يلي (للعراقي الحق بحرية الفكر والضمير والعقيدة الدينية، وممارسة شعائرها، ويحرم الإكراه بشأنها)........ إن هذا النص يبيح الردة عن الإسلام، وتمنع مساءلة المرتد، ويسمح لأي شخص أن يجاهر بعقيدة غير الإسلام ويدعو لها، ويمارس شعائرها، دونما ضابط حتى من النظام العام، ويسمح هذا النص بالقدح في الذات الإلهية وذات الرسول الكريم وآل بيته الأطهار, وصحابته الكرام. تحت ذريعة حرية الفكر وحرية العقيدة، ولا زال المسلمون يذكرون سلمان رشدي الزنديق المرتد، وحماية الغرب له، واستقبال رؤساء الدول له، في تحد سافر لمشاعر المسلمين، لأبلغ دليل على ما تعنيه حرية الفكر وحرية العقيدة.
وكذلك نصت المادة الحادية والعشرون (لا يجوز للحكومة العراقية الانتقالية أو حكومات وإدارات الأقاليم والمحافظات والبلديات والإدارات المحلية، أن تتدخل في حق الشعب العراقي في تطوير مؤسسات المجتمع المدني، سواء كان ذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الدولية أو بأي شكل آخر...) إن المرء ليذهل إذ يقرأ نصاً دستورياً كهذا النص الذي يمنع جميع إدارات الدولة، من حكومة مركزية، وحكومات أقاليم ومحافظات وبلديات وإدارات محلية، من التدخل في شأن داخلي بحت، فما هي مؤسسات المجتمع المدني هذه؟ التي من حقها أن تتعاون مع منظمات دولية، دون أن تخضع لأية رقابة ومن آية جهة، بل يطلق لها العنان، وكأنها لا تعيش في الدولة، ولا تنطبق عليها قوانينها، ولكن ذهول المرء يزول عندما يعلم أن هذه المؤسسات المدنية، لا تعدو أن تكون واجهة لكل أجهزة المخابرات الأجنبية وبوقاً لكل الدعوات الهدامة، ومحافل لتجنيد الجواسيس والتستر على الإرساليات التبشيرية، التي تتلون كالحرباء فتأتي تحت مسميات شتى، من جمعيات للرعاية الاجتماعية, وجمعيات للمحافظة على البيئة، وجمعيات شبابية، وأخرى لحقوق الإنسان أو لحقوق الطفل، أو حقوق المرأة أو إنهاض الأسرة، وآلاف المسميات، وكلها معاول هدم في كيان الأمة، وطاعون يفتك بجسدها وبجهاز المناعة فيها -عقيدتها الإسلامية- وغزو ثقافي وفكري لم يسبق له مثيل.
لقد أفرد مجلس الحكم في دستوره هذا باباًُ كاملاً سماه الحقوق الأساسية ومن يقرأ هذه الحقوق يخيل له أن العراق قد تحول إلى جنة الله في الأرض، فقد نصت مواد هذا الباب على حرمة المساكن وعدم جواز انتهاكها وعدم تفتيش البيوت، وعدم الاعتقال أو الحجز إلا بمقتضى القانون، وحرمة تعذيب المعتقل، أو إكراهه على الاعتراف، وحقه في محاكمة عادلة وسريعة. ونحن نسأل مجلس الحكم، هل قُدّم أحد من عشرات الآلاف من المعتقلين إلى المحاكمة ؟ بل هل يعرف مجلس الحكم أعداد المعتقلين وتهمهم؟ بل هل يعرف أعداد حرائر المسلمين المعتقلات منذ أشهر؟ وما يتعرضن له من تعذيب بدني ونفسي، وهل اعتقلن بقانون وقدمن للمحاكمة بسرعة وثبتت إدانتهن؟ وكيف يتبجح أعضاء مجلس الحكم بتكريم المرأة في يوم المرأة العالمي؟ ولم يأت أحد منهم على ذكر الأمهات المعتقلات والأخوات السجينات؟ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى, إذا لم تستحْيِ فاصنع ما شئت» .
الخطر الثالث : خطر التقسيم تحت مسمى الفدرالية.
لم يعرف المسلمون طوال تاريخهم ما يسمى بالفدرالية، أي نظام الاتحاد، وإنما كانت الدولة الإسلامية وحدة واحدة, تقوم على النظام الوحدوي لا الاتحادي، أي مركزية في الحكم، ولا مركزية في الإدارة. وكانت على اتساع رقعتها الجغرافية الممتدة من الأندلس غرباً، إلى تخوم الصين شرقاً، تخضع لخليفة واحد، ولها عملة واحدة وكان الخليفة هو الذي يعين الولاة ويعزلهم، وهو الذي يجيش الجيوش ويفتح الفتوح, وهو الذي يرسل الرسل، للملوك ورؤساء الدول، ويقبل سفراءهم. ذلك أن الحكم الشرعي في حق المسلمين، هو تنصيب خليفة واحد فرض عليهم، وأمره مطاع ونافذ ظاهراً وباطناً. وهو الذي يتبنى الأحكام الشرعية، فتصبح قوانين نافذة، وكانت اللغة الرسمية هي اللغة العربية كونها لغة القرآن، وأداة فهم الإسلام، ولا يمكن الاجتهاد في الشرع بدونها وقد تقبل المسلمون ذلك برحابة صدر، ونبغ في العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية آلاف العلماء من فرس وترك وكرد ومغول، وكان منهم الخلفاء، والأمراء والسلاطين، وقادة الجيوش، ذلك قبل أن يمزق الكافر المستعمر وحدة المسلمين، بدعاوى الجاهلية، ومنها دعوى القومية النتنة، التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: «دعوها فإنها منتنة» .
لقد حرم الإسلام الفدرالية (نظام الاتحاد) تحريماً قاطعاً، لأنها تقوم على أساس انفصال الدولة إلى أقاليم لكل منها استقلاله الذاتي، وقوانينه الخاصة، وهي وان اتحدت في الحكم العام، إلا أنها في الواقع كيانات مستقلة في معظم أمورها، ولا تخضع لسلطان الحكم المركزي إلا في بعض المسائل، وهذه التجزئة محرمة، لأنها الخطوة الأولى على طريق تقسيم الدولة إلى دويلات وكيانات هزيلة لا يحسب العدو الكافر لها حساباً ولا يقيم لها وزناً. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» .
إنه لمما يبعث الأسى في القلوب، أن يعمد بعض أبناء الأمة في العراق إلى العمل على تمزيقه إلى كيانات هزيلة، تحت مسمّى الاتحاد أو الفدرالية، تمهيداً لفصل هذه الكيانات إلى دول مستقلة مما يضعفها جميعها. ويوقعها تحت نير الاستعمار من جديد. فقد نصت المادة الثالثة والخمسون من الدستور العراقي فقرة (أ) : (يعترف بحكومة إقليم كردستان بصفتها الحكومة الرسمية للأراضي التي كانت تدار من قبل الحكومة المذكورة في 19 آذار 2003م.
إن مصطلح حكومة إقليم كردستان الوارد في هذا القانون يعني المجلس الوطني الكردستاني، ومجلس وزراء كردستان، والسلطة القضائية الإقليمية في إقليم كردستان)......... إنها دولة داخل دولة، مجلس وطني ومجلس وزراء وسلطة قضائية.
ونصت المادة الرابعة والخمسون فقرة (ب) (فيما يتعلق بتطبيق القوانين الاتحادية في إقليم كردستان، يسمح للمجلس الوطني الكردستاني بتعديل تنفيذ أي من تلك القوانين داخل منطقة كردستان) إن لم يكن هذا هو الانفصال فماذا عسى أن يكون؟
كذلك نصت المادة السادسة والأربعون فقرة (أ) : (يتضمن الجهاز القضائي الاتحادي المحاكم الموجودة خارج إقليم كردستان، بما في ذلك محاكم الدرجة الأولى، والمحكمة الجنائية المختصة، ومحاكم الاستئناف ومحكمة التمييز التي هي آخر درجات المحاكم، باستثناء ما نصت عليه المادة 4 من هذا القانون) .
لقد أقر الدستور –الجريمة- لإقليم كردستان أن يكون له مجلس وطني –برلمان- ومجلس وزراء –حكومة- وسلطة قضائية، وأقر له بحق تعديل القوانين التي أصدرتها الحكومة دون استثناء، اللهم إلا ما يتعلق منها ببعض القضايا الحصرية للحكومة الاتحادية، وسيأتي التنازل عنها بالتدرج، ولم يقتصر الأمر على إقليم كردستان، بل سمح هذا الدستور، بتشكيل أقاليم جديدة، ما يعني فتح باب التمزيق والتشرذم, وباب النزاع والاقتتال الداخلي، لا يعلم إلا الله مداه ونتائجه.
أيها المسلمون في العراق
هذا غيض من فيض من مآسي هذا الدستور –الجريمة- الذي كتب تحت حراب الاحتلال، والذي إن لم يتدارك أبناء العراق المخلصون الأمر قبل فوات الأوان ويسقطوه كما أسقطوا من قبل قوانين (الباسق) التي سنها التتار، عندما اجتاحوا بغداد، فأحرقوا الأخضر واليابس، ورموا بملايين المخطوطات في نهر دجلة، إن لم يسارعوا لإسقاطه تمَزَق العراق إلى دويلات هزيلة متناحرة، وأصبح مرتعاً للفساد, وسوقاً لترويج كل فكر منكر.
إن المسلمين في العراق لن ييأسوا ولن يستسلموا، فهم جزء من أمة عريقة، أمة إسلامية، سادت الدنيا قروناً عديدة. وإن الاحتلال إلى زوال، طال الزمن أم قصر، وإن الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، تتحفز للانعتاق من نير الاستعمار وقوانينه وسلطانه، التي كرس بها فرقة الأمة، واستباح بيضتها، وعمّا قليل تعلن دولة الخلافة الإسلامية الراشدة، لتملأ بنورها الأرض، بعد أن امتلأت بظلام الكفر والطاغوت.
أيها المسلمون الكرد
يا أحفاد صلاح الدين، محرر المسجد الأقصى المبارك من رجس الصليبين، انبذوا الفرقة والفدرالية، وكونوا لإخوانكم المسلمين عرباً وتركماناً, كما وصفكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً» .
أيها المسلمون جميعاً شيعة وسنة:
وأنتم تعيشون ذكرى استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه وأرضاه، الذي بذل دمه الزكي الطاهر, ولم يتنازل ولم يساوم، ولم تلن له قناة، كونوا مع الحق كما كان، وليكن الله غايتكم، وتطبيق الشريعة والحكم بما أنزل الله مطلبكم، وفوتوا على الشيطان قصده؟ وردوا إلى نحره كيدَه.
يا علماء المسلمين في العراق سنة وشيعة
يا ورثة الأنبياء، اصدعوا بكلمة الحق عالية مدوية، إن الحكم إلا لله، لا للقومية ولا للفدرالية ولا للطائفية. نعم لحكم الله ولمن يحكم بما أنزل الله، شيعياً كان أم سنياً. كردياً كان أم عربياً أو تركمانياً.

{وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}

 

23 محرم الحرام 1425هـ
 
حزب التحرير
 
2004/03/15م
 
ولاية العراق
 

 

 
 
بسم الله الرحمن الرحيم

مجلس الحكم في العراق يعمل على تكريس الاحتلال وتقسيم العراق

 

قبل بضعة أيام ودون ترتيب مسبق غادر الحاكم الأمريكي (بول بريمر) العراق، ألغى ارتباطاته المسبقة، متوجهاً إلى البيت الأبيض.  حيث عقد عدة اجتماعات مع كبار قادة الولايات المتحدة، بما فيهم الرئيس الأمريكي (جورج بوش) نفسه.  وقد سبق هذه الزيارة ورافقها تصريحات بعض كبار المسؤولين، تتعلق بسوء أداء مجلس الحكم العراقي، مثل: إن الإدارة الأمريكية تشعر بالإحباط من عمل المجلس، وأن أعضاء المجلس لا يهتمون إلا بأمورهم الخاصة.
وعندما عاد (بريمر) يوم الجمعة 14/11/2003م، دعا مجلس الحكم للاجتماع به عاجلاً.  فحضر عدد من الأعضاء ممن بقي داخل العراق، حيث يقيم بعضهم خارج العراق أكثر مما يقيم داخله.  وقد أبلغهم سيّدهم الأمريكي خطة حكومته الجديدة لإدارة العراق.  وبعد أن تلا عليهم أوامره، خرج رئيس المجلس (جلال طالباني) ، في مؤتمر صحفي يعلن فيه ما تمَّ الاتفاق عليه بينه (بوصفه رئيس المجلس) وبين بريمر (بوصفه رئيس سلطة الاحتلال) ، جاء فيه: “التزاماً بالثوابت الوطنية للشعب العراقي، واتساقاً مع ما سعى إليه مجلس الحكم منذ تشكيله، ومن أجل الإسراع في استعادة سيادة العراق واستقلاله، فقد قرر مجلس الحكم اتخاذ الإجراءات التالية:
1 -  صياغة قانون لإدارة الدولة للفترة الانتقالية قبل نهاية شباط 2004م، يتضمن إجراءاتٍ لانتخاب مجلس انتقالي ليستكمل انتخابه قبل نهاية أيار 2004م، ويُعبر هذا القانون عن مبادئ يوجد عليها اتفاق عام في الشعب العراقي وهي:
أ -  احترام حقوق الإنسان واحترام الحريات الأساسية بما فيها حرية العقيدة، والممارسة الدينية، والمساواة بين جميع المواطنين.
ب -  تأكيد الفصل بين السلطات الثلاث.
ج -  إدخال درجة من اللامركزية في إدارة المحافظات مع مراعاة الوضع الراهن في كردستان حالياً.
د -  إقرار مبدأ السيطرة المدنية على قوى الأمن والجيش.
ح -  إقامة نظام ديموقراطي فدرالي تعددي موحد يحترم الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، مع ضمان حقوق الأديان والطوائف الأخرى.
يتضمن هذا القانون جدولاً زمنياً لكتابة الدستور الدائم بواسطة مجلس منتخب مباشرةً من الشعب العراقي، وانتخاب حكومة جديدة طبقاً لأحكام الدستور الجديد قبل نهاية عام 2005م.
2 -  يتولى المجلس الانتقالي انتخاب حكومة عراقية مؤقتة قبل نهاية حزيران 2004م، تمارس السلطة السياسية وتكون ذات سيادة ومعترفاً بها دولياً، وبتسليمها السلطة تنتهي حالة الاحتلال وتُحلُّ حينئذٍ سلطة الائتلاف وينتهي دور مجلس الحكم.
3 -  يستمر عمل مجلس الحكم الانتقالي والحكومة الجديدة المنبثقة منه لحين إقرار الدستور الدائم، وتُنقل السلطة إلى حكومة منتخبة وفقاً لأحكامه.
إن حزب التحرير، (وهو حزب سياسي تبنى الإسلام فكرةً وطريقةً) ، قد أخذ على عاتقه فضح المؤامرات والمتآمرين، وكشف الخطط السياسية للدول الاستعمارية، وتنبيه الأمة لما يُحاك لها من قبل أعدائها وعملائهم، يبين للأمة الإسلامية بعامة وللمسلمين في العراق بخاصة، أن هذه الخطة الإجرامية التي أملاها المحتل على صنيعته (مجلس الحكم) ، ليست سوى محاولة مكشوفة لتكريس الاحتلال والعمل على تقسيم العراق، وإضفاء الشرعية على جريمته هذه بأيدي بعض أبناء العراق وإمضائهم.
إن مجلس الحكم بقراراته هذه إنما يمارس أحط أنواع التدليس السياسي على المسلمين، وذلك أن البند (2) الذي ينص على أن يتولى المجلس الانتقالي انتخاب حكومة ذات سيادة ومعترفاً بها دولياً، وإنهاء حالة الاحتلال، لا تعني من قريب أو بعيد خروج المحتل، بل تعني بقاءه واستمرار احتلاله ووجوده العسكري، بموافقة أهل العراق لا بموافقة مجلس الأمن؛ لأن وجود القوات العسكرية المحتلة بموافقة أهل البلاد ورغبتهم، لا توصف بالاحتلال وإنما توصف بوصف آخر، كالتعاون العسكري، أو الدفاع المشترك.
وأما ما قاله الطالباني - رداً على سؤال عن مصير قوات التحالف -: “إذا احتجتم لهم فسوف نطلب منهم البقاء، وإذا رأيتم أن يخرجوا فسنقول لهم وداعاً أيها الأصدقاء، شكراً لكم على مساعدتكم للشعب العراقي” ، فهو كذب صُراح وتلبيس على بسطاء الناس لا على السياسيين الواعين.  فقوات التحالف بقيادة أمريكا لَم تأت لمساعدة الشعب العراقي..!!، بل جاءت لأسباب أخرى لا تمت من قريب ولا من بعيد لمساعدة الشعب العراقي، ولَم تأتِ بطلب من (الطالباني) وأمثاله، وإنما كان هو وأمثاله مطايا لها حين قدومها، وخروجها لا يتوقف على طلبه ولا على طلب مجلس الحكم الهزيل الذي يرأسه.  ويؤكد ذلك ويقطع به تصريحات المسؤولين الأمريكان أنفسهم وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي نفسه حيث قال: “إن قواتنا ستبقى في العراق حتى تقام فيه ديموقراطية ونظام حكم مستقر” ، وما أعلنه وزير دفاعه (دونالد رامسفيلد) يوم 16/11/2003م، أثناء تفقده القوات الأمريكية بجزيرة (أوكيناوا) في اليابان حيث قال: “إن الولايات المتحدة لن تنسحب من العراق في المستقبل القريب، وإن الإجراءات السياسية التي تجري في العراق، تتعلق بطريقة حكم العراق ولا علاقة لها بالجانب العسكري، ولا انتشار القوات العسكرية”، ويؤكده أيضاً ما صرح به (بول بريمر) لإحدى قنوات التلفزة الأمريكية، بعد انتهاء اجتماعه مع مجلس الحكم حيث قال: “إن القوات الأمريكية ستبقى في العراق وستطلب من الحكومة العراقية القادمة الموافقة على بقائها” .
إن المؤامرة على العـراق بخاصة وعلى المسلمين بعامة لَم تنته بعد، بل لا زالت في مراحلها الأولى، وإن أمريكا لا تنوي الخروج من العـراق في المستقبل المنظور، وقد بدأت بالتدخل في العـراق لتمتد منه على بقية أقطار المسـلمين في المنطقة، وهذا ما يصـرح به قادتها وزعماؤها باستمرار، ولو كانت تقصد حقيقةً إعطاء السيادة للعراق ولحكومته، لبدأت بسـحب قواتها منه، ذلك أن خروج القوة العسكرية هو أول خطوة في إعادة السيادة لأهلها، أما بقاؤها وهيمنتها على جميع جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية، فذلك أبعد ما يكون عن إعادة السيادة لأهلها، فلا جيش في العراق الآن، والجيش ركن أساسي من أركان السيادة، ولا وزارة دفاع، ولا وزارة إعلام، ولا مجلس أمة، ولا دستور، ولا يوجد فيه أي مظهر من مظاهر السيادة، فالعراق بلد محتل، وكل مقدَّراته بيد الاحتلال، وكل قراراته السياسية إنما يصدرها الاحتلال، إما بشكل مباشر أو غير مباشـر عن طريق عملائه الذين نصبهم مجلس حكم وحكومة لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون من أمر أنفسهم ولا غيرهم شيئاً.
إن الخطة الأمريكية الجديدة في العـراق، هي إجراء انتخـابات وتعيين حكومة، تتولى نيابة عن أهل العراق، توقيع صك بالموافقة على بقاء قوات الاحتلال، حتى تُعطى الصفة الشرعية، كونها موجودةً بموافقة أهل البلد وطلبهم، وهذا سيُبعد الدول الأخرى ومجلس الأمن عن التدخل في الشأن العراقي، ويجعل أمريكا المتصرف الوحيد بكل شـؤون العراق.  وسـتسـتبدل بالمجلس المعين وحكومته، مجلساً وحكومةً منتخبين صورياً، حتى يسبغ على الاحتلال صفة الشرعية؛ لأن الذي أقر بقاءه ووجوده هو حكومة العراق الشرعية المنتخبة..!!، وسيوضع للعراق دستور جديد بإشراف الاحتلال تكرس فيه الفرقة وتمزيق الدولة بحجة الفدرالية، وستشتعل نيران الطائفية، وينشغل المسلمون ببعضهم بدل انشغالهم بإخراج الاحتلال.
إن هذه الخطة هي من أفظع الأعمال السياسية على مستقبل العراق ومسلمي العراق، وعلى كل مسلم غيور أن يعمل جاهداً على استئصالها، وأن لا يشارك في الانتخابات، ولا يكون عضواً في أي مجلس أو حكومة طالما بقي جندي واحد من جنود الاحتلال، وإن فعل ذلك فهو آثم مستحق لعذاب الله تعالى.
إن الذي دعا (جورج بوش) وحكومته لإعلان خطتهم الجديدة، هو اشتداد المقاومة العراقية واتساع فعاليتها كماً ونوعاً ومكاناً، يوماً بعد يوم، وهذا ما أشعره وحكومته بالخوف من مصير كمصير والده في الانتخابات الرئاسية القادمة.  سيما وأن الإعداد لها قد بدأ، وتشير استطلاعات الرأي العام الأمريكي إلى هبوط قياسي في شعبيته، حيث إن أكثر من نصف الشعب الأمريكي غير راضٍ عن إدارته، وغير مقتنع بالأسباب التي ساقها لتبرير عدوانه على العراق.  وقد تناقلت وكالات الأنباء ما مفاده أن: المخابرات المركزية سلمت للرئيس الأمريكي تقريراً عن تعاظم التعاطف الشعبي مع المقاومة، وتعاظم الغضب عند العراقيين بشكل عام على الانفلات الأمني المروع، وسوء الأوضاع الاقتصادية، وتردي الخدمات الأساسية رغم مرور أشهر عديدة على الاحتلال.
إن الإدارة الأمريكية وهي بحاجة إلى نصر ترفع به شعبية رئيسها لَم تجد خيراً من طالباني ومجلس الحكم لتعلن من خلالهما عن نصر سياسي مدوٍّ في العراق، وأنَّ العراق قد بدأ أولى خطوات السير في الطريق الديموقراطي والاستقرار الأمني، علَّ ذلك يرفع من شعبيته بعد تردي الروح المعنوية لقواته في العراق، وازدياد عدد الجنود العائدين إلى بلادهم في النعوش.
إن الأمة الإسلامية -والعراق جزء منها- تتطلع إلى وحدتها في دولة خـلافة إسلامية راشدة على منهاج النبوة، لا في زيادة تمزيقها تحت مسميات الفدرالية واللامركزية، وأن المسلمين في العراق أكراداً وعرباً وتركماناً، سنةً وشيعةً، يرفضون الاحتلال، ويرفضون كل مجلس وحكومة يتم نصبها تحت حِراب الاحتلال، ولا يُقرُّون لمجلس الحكم هذا أو غيره من المجالس بأية شرعية، ويعتبرون ما يصدر من قرارات واتفاقيات في ظل الاحتلال باطلة ولا قيمة لها وغير ملزمة لهم.  ويذكِّرون طالباني وغيره من أزلام المجلس، أن الاحتلال يخرجه المخلصون الغيارى على دينهم وأمتهم، وهم الفائزون بنصر الله تعالى في الدنيا، ورضوانه في الآخرة، وأما الخونة المتآمرون، فلهم ساعة حساب عسير في الدنيا وعذاب مقيم في الآخرة.
{كتب الله لأغلبنَّ أنا ورسُلي إن اللّه لقويٌّ عزيز}

 

24 من شهر رمضان 1424هـ
 
حزب التحرير
 
2003/11/18م
 
ولايـة العـراق

 

 
 

آخر الإضافات