يبدو أن هناك شيئاً لم يُستوف في ما قاله ابن الأثير وما قاله محاوره في تلك المناقشة... والمسألة كما أراها هي على النحو التالي:
إن الآية الكريمة ﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا﴾ تتضمن أمرين يجب فهمهما وهما: (أن يبطش)، (فلما أن):
1- أما الأولى وهي حرف النصب "أن" الداخل على الفعل المضارع فإنه حرف مصدري ونصب واستقبال:
فهو يجعل ما بعده في تأويل مصدر فمثلاً ﴿يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾ تؤول (يريد الله التخفيف عنكم)... وهو ينصب المضارع... أما أنه حرف استقبال فلأنه يجعل المضارع خالصاً للاستقبال، "وكذلك جميع نواصب المضارع"، ولكن المضارع دون دخول حرف النصب فيبقى يحتمل الحال والاستقبال...
الحديث أخرجه أبو داود في سننه قال: حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً إِلَى خَثْعَمٍ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ فَأَسْرَعَ فِيهِمْ الْقَتْلَ، قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ ﷺ فَأَمَرَ لَهُمْ بِنِصْفِ الْعَقْلِ وَقَالَ: «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قَالَ: لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا».
اِقرأ المزيد: صحة حديث "أنا بريء ممن عاش أربعين يوما بين ظهراني الكفار"
جاء في لسان العرب: [والرَّزق العَطاء وهو مصدر قولك رَزَقه الله... وقد يسمى المطر رزقاً وذلك قوله تعالى ﴿وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾، وقال تعالى ﴿وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾. قال مجاهد هو المطر وهذا اتساع في اللغة... وأَرزاقُ الجند أَطماعُهم وقد ارْتَزقُوا والرَّزقة بالفتح المرة الواحدة والجمع الرَّزَقاتُ وهي أَطماع الجند وارْتزقَ الجُندُ أَخذوا أَرْزاقَهم وقوله تعالى ﴿وتَجْعَلونَ رِزْقَكُم أنكم تُكَذِّبونَ﴾، أَي شُكْرَ رزقكم مثل قولهم مُطِرنا بنَوْءِ الثُّريا وهو كقوله ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾، يعني أهلها. ورَزَقَ الأَميرُ جنده فارْتَزقُوا ارْتِزاقاً ويقال رُزِق الجندُ رَزْقة واحدة لا غير ورُزِقوا رَزْقتين أَي مرتين. ابن بري...]
(...أما القسم الثاني من السؤال عن الركاز، فمن وجد ركازاً ففيه الخمس يسلمه للدولة الإسلامية لتضعه في مصالح المسلمين والأربعة أخماس الأخرى لمن وجد الركاز على أن لا يكون وجد الركاز في أرض غيره.
وأما إن لم تكن الدولة الإسلامية قائمة كما هو اليوم، فالذي يجد الركاز هو يخرج الخمس للفقراء والمساكين ومصالح المسلمين... ويتحرى الحق في ذلك، والباقي هو له.
نعم الهجرة كانت في الثاني عشر من ربيع الأول... ولكن بعد مرور نحو سبعة عشر عاماً على هجرة الرسول ﷺ في السنة الثالثة أو الرابعة في عهد عمر رضي الله عنه... أرسل إليه أبو موسى الأشعري أمير البصرة آنذاك، كتاباً يطلب منه فيه البحث عن طريقةٍ جديدةٍ لاحتساب التقويم وذلك حينما ورد خطاب لأبي موسى الأشعري مؤرَخاً في شهر "شعبان" دون تحديد السنة، فخاطب الأشعري الخليفة عمر يقول: "يا أمير المؤمنين، تأتينا الكتب، وقد أُرِّخ بها في شعبان، ولا ندري أي شعبان هذا، هل هو في السنة الماضية؟ أم في السنة الحالية؟".
اِقرأ المزيد: هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام وبداية التأريخ الهجري